جاء موسم امتحانات الثانوية العامة وخرجت علينا جميع صحفنا القومية، والحزبية، والمستقلة خرجت علينا جميعها بتغطية مستفيضة في صدارة صفحاتها، وتحديداً في صفحاتها الأولي، وبالكلمة والصوت والصورة نقلت لنا وسائل إعلامنا المهزلة السنوية لامتحانات الثانوية العامة، وحالات الإغماء، والندب، والعويل التي يشترك فيها الطلاب، وأولياء الأمور، والتي ينطلق بعدها الاتهام السنوي المكرر والمعتاد من أن »الأسئلة صعبة وطويلة، وأن معظمها جاء من خارج المنهج والمقررات«، ثم يلي ذلك مناشدة لكبار المسئولين ورئيس الوزراء، والوزير المختص أن يعملوا علي إنقاذ الأبناء من براثن الممتحنين وواضعي الأسئلة! والحمد لله تعالي أنه حتي الآن لم يفطن أحد من هؤلاء الشكائين إلي تقديم شكواهم لمنظمة »اليونسكو«، والاستقواء بهذه المنظمة العالمية المسئولة عن التعليم والثقافة، كما يعمد آخرون من بيننا بالاستقواء علي الأوطان بالمنظمات العالمية المختلفة.. الحمد لله الذي لا يحمد علي مكروه سواه! وإنها لظاهرة فريدة حقاً تضاف إلي سجلاتنا التي تضم انفرادات غريبة وعجيبة لا تعرفها أي دولة أخري في العالم كله، بل إننا نحن أنفسنا لم نكن نعرفها منذ عقود طويلة كانت العملية التعليمية خلالها أشبه بمثيلتها في دول العالم المتقدم وتحديداً بما يجري في بريطانيا العظمي! أما بعد أن خرج من بيننا من ينادي بإلغاء تدريس اللغة الانجليزية »لأنها لغة العدو المستعمر«، ومن ينادي ويقرر جواز نجاح الطالب إذا ما كان راسباً في مادتين أو أكثر.. بعد أن حدث ذلك، وغيره الكثير، فقد جاز كل وأي شيء، وأصيبت العملية التعليمية في مقتل لجأ بعدها العقلاء والمسالمون إلي المدارس والمعاهد والكليات الأجنبية والخاصة، دون أن تدرك الدولة، حتي الآن، أنه من شأن هذا الإجراء العمل علي المزيد من انقسام المجتمع وتباين أبنائه... ناهينا عن دفعات سنوية غفيرة من الخريجين أنصاف أو أشباه المتعلمين! وذلك طبعاً إلي جانب اعتماد الندب، والعويل، والولولة كوسيلة ضغط وإقناع، وتغيير المسار الطبيعي للأمور والأحوال والنظم!