[email protected] مجددا عاد مبعوث الإدارة الأمريكية جورج ميتشيل إلي المنطقة لممارسة »هواية« نقل الأفكار بين الطرف الفلسطيني والطرف الإسرائيلي .. لما بات يعرف ب»المفاوضات غير المباشرة« بينهما .. ونظريا يجب علي المبعوث الأمريكي أن يواصل هذه الهواية أشهر عدة ! زيارات ميتشيل موضوعيا وعمليا لا قيمة لها تجاه ما يشاع عن أهدافها السياسية حول الوصول الي جسر "الهوة" بين طرفي الصراع .. خاصة مع حكومة نتنياهو التي لا صلة لها من قريب أو بعيد بحثا أو رغبة للوصول إلي تسوية سلمية .. فهي الحكومة التي تعادي الإتفاقات الموقعة بشكل صريح ودون أي غموض.. وهذا ليس موقفا جديدا يرتبط بتطورات لاحقة أو أسباب مستحدثة .. بل هو نهج متواصل مع موقف ذات التشكيل اليميني الذي حكم إسرائيل عام 1996.. وطوال سنوات ثلاث مارس كل ما هو مانع لأي إمكانية للمضي نحو تنفيذ ما كان متفقا عليه بين طرفي الصراع .. بل عمل كل ما بوسعه لتغيير جوهرها ليتفق مع رؤية المحتل الذي يبحث عن استدامة الاحتلال بكل ما يمكن أن يكون. وما يحدث اليوم ليس سوي تواصل لمنهج اختبر سابقا .. بل زاد ضراوة وعدائية لأي فعل يتصل بالعملية السياسية والتسوية .. والمسألة ليست استنتاجا أو تخمينا.. بل هي رؤية لما هو حاصل بالفعل من حكومة نتنياهو .. فممارساتها العامة من تهويد واستيطان لا يتوقف .. آخرها إعلانها بناء 1600 وحدة استيطانية عشية وصول ميتشيل للمنطقة .. دون أي إكتراث لحضوره .. وعمليات الحصار الداخلي في الضفة الغربية والحصار غير المسبوق ضد قطاع غزة .. والاستهتار والاستهانة بكل مبادرات العرب مختلفة التسميات والعناوين .. حكومة كهذه يصبح الحديث معها في مشروع سياسي سواء كان مباشرا أو غير مباشر ليس سوي هدر للوقت .. وكل ما تقوم به واشنطن حاليا من رحلات ميتشيل ليست سوي محاولة لاحتواء أي "غضب عربي" رسمي أو شعبي .. فالقيادة الفلسطينية أعلنت أكثر من مرة أن الطريق مسدود مع حكومة لا تؤمن بما تم الاتفاق عليه .. هذا الموقف يتطلب صياغة مختلفة لما يدور حاليا مع واشنطن حول ما له صلة بالشق التفاوضي .. إذ أن قيام حكومة نتنياهو بتواصل فعلها التهويدي في القدس والاستيطاني في الضفة الغربية مع كل رحلة لمبعوث أمريكي .. رسالة واضحة جدا بمدي الاستهتار الذي تمتلكه تجاه الفلسطينين والعرب بل والعالم أيضا. إن دراسة الموقف مجددا .. وإعادة النظر في القرار العربي بتواصل »التفاوض غير المباشر« يصبح ضرورة ملحة في ظل الظروف الراهنة سواء ما يتعلق بالسياسة الإسرائيلية وممارساتها أو المناخ الدولي العام الذي بدأ بالملل والقرف من سياسة نتنياهو وحكومته المتطرفة .. ولعل إعلان بناء استيطاني جديد يمثل فرصة لتحديد موقف لا عودة عنه مع وجود »بيبي« نتنياهو في الحكم.. التوقف عن التواصل غير المباشر لم يعد يشكل عبئا كما يحاول البعض الحديث عنه .. بل إن إستمرار الحال كما هو عليه بعد كل ما حدث منذ القرار العربي .. ليس سوي »هدية سياسية مجانية« لليمين والتطرف والعدوانية. ربما الوقت مناسب جدا اليوم قبل الغد.. لإخبار المبعوث الأمريكي.. أنه كفي هزارا وضحك علي الدقون !.