إنه زمن الأزمات .. ما أن بدأ العالم في التعافي من وعثاء الأزمة المالية التي أطاحت بمئات البنوك والمؤسسات المالية .. وذهبت بتريليونات الدولارات من مدخرات واستثمارات وأملاك .. ودفعت باقتصاد الدول نحو التباطؤ والتراجع .. حتي داهمته معضلة إفلاس اليونان التي فتحت الباب علي احتمال انتقال عدوي الانهيار إلي دول أخري كالبرتغال وبريطانيا وأسبانيا وأيرلندا وإيطاليا !. واليوم تثار أسئلة وتطرح احتمالات خطيرة ومقلقة .. فما مصير عملة اليورو إزاء تحول اليونان إلي بلد معطوب؟ وهل تقبل ألمانيا - أكبر إقتصاد في أوروبا - أن تتحمل أعباء وتبعات أخطاء جيرانها إذا ما انضمت دول أخري إلي نادي الدول المفلسة ؟ وما مستقبل الاتحاد الأوروبي الكتلة الاقتصادية الأكبر في العالم؟ وما تأثير كل ذلك علي اقتصاد أمريكا والصين .. وبالتالي علي الاقتصاد العالمي؟ ثم إن الحلول المطروحة للإنقاذ علي شكل قروض عاجلة من الاتحاد الأوروبي ومؤسسة النقد الدولي بشروط مجحفة ترفضها غالبية اليونانيين لأنها تطيح بمكتسبات الموظفين وتفرض عليهم ضرائب فاحشة وتقضم رواتبهم بل وتقلص من خدمات الدولة في مجالات الصحة والتعليم والتقاعد وغيرها.. وما رأيناه من تظاهرات وصدامات في أثينا قد ينتقل إلي عواصم أخري مما يثير مخاوف حقيقية من إمكانية تفشي العنف والقلاقل وانهيار الأمن وانتشار الفوضي. إنه سيناريو محتمل وهذا ما دفع بأسواق المال والبورصات إلي التراجع تعبيرا عن الذعر والهلع الذي أصاب المستثمرين. في خضم الأزمة الأولي .. قبل نحو عامين .. صدر كتاب صغير بحجم الجيب باللغة الانجليزية يحمل عنوانا لطيفا : ابقَ هادئا وواظب .. وعنوانا فرعيا : نصائح جيدة للأوقات الصعبة .. وقد حصلت علي هذا الكتاب الصغير قبل أيام وقرأته عدة مرات .. بل وأعود إليه في كل يوم لأنني أجد فيه في كل مرة نصيحة ثمينة وحكمة نادرة تساعدني علي الهدوء والمواظبة في هذه الأوقات العصيبة. الكتاب هو مجموعة من الاقتباسات لكتاب ومفكرين وسياسيين وعلماء تم جمعها وتصنيفها تحت عدة عناوين منها : الأزمات .. الاقتصاد .. المضاربة .. الكساد الكبير .. المديونية .. المال .. المخاطرة .. الجشع .. العمل .. الأخطاء والفشل .. الصداقة .. وغيرها .. وفي مقدمة الكتاب يوضح المؤلف أن الغرض منه هو إثارة الإلهام وبث الأمل في الأوقات العصيبة .. وتذكير القارئ بأن العالم مر بأزمات مشابهة في الماضي .. وأن المطلوب في زمن الأزمات هو ضبط النفس. فينقل الكتاب عن بنجامين ديزرائيلي وهو سياسي بريطاني قوله : ما نتوقعه قلما يحدث وما لا نتوقعه يحدث في الغالب. ويقول هاري ترومان الرئيس الأمريكي: إن الركود هوعندما يفقد جارك وظيفته أما الكساد فعندما تفقد أنت وظيفتك !.. ويقول مارك توين الروائي المعروف حول المضاربة : إن أخطر شهر للمضاربة هو أكتوبر .. أما باقي الأشهر الخطرة فهي يناير .. فبراير .. مارس .. إبريل .. مايو .. يونيو .. يوليو .. أغسطس .. سبتمبر .. نوفمبر وديسمبر.. ويقول الروائي الفرنسي بلزاك: وراء كل ثروة عظيمة جريمة.. ويقول كارل ماركس : إنك تضيع فرصة استثمارية كبيرة بتعليمك أحدهم صيد السمك بينما تستطيع أن تبيعه سمكة كل يوم.. وحول البنوك يقول الممثل الكوميدي بوب هوب: البنك هو المكان الذي يمنحك قرضا إذا أثبت أنك لست بحاجة للمال!.. واختتم بنصيحة اللورد بايرون التي تقول: اضحك دائما.. فالضحك هو أرخص دواء !!