كانت صدمة كبري تلك التي زلزلت كراسي قيادات الأجهزة الأمنية الأمريكية فور اكتشاف الدور الرهيب الذي قام به الشيخ »الجليل« الهارب من مصر بعد أن خطط، وأشرف علي تنفيذ الهجمات الإرهابية الإجرامية إنتقاماً من البلد الذي أنجبه وأواه، وضد الشعب الطيب الذي نُكب بمشاركته نفس الهوية! لم تكن صدمة ال »سي. آي. إيه« المخابرات المركزية و ال »إف. بي آي« التحقيقات الفيدرالية بسبب ما خططه الشيخ »الجليل« وأشرف علي تنفيذه، في نيويورك ضد الأبرياء، وإنما كانت الصدمة الحقيقية راجعة إلي نجاح هذا »الشيخ« في خداعهم، والضحك عليهم، عندما هربوه من مصر، وأنعموا عليه بلقب: »اللاجيء السياسي«.. وهو الإجرامي الإرهابي الذي أدانه القضاء المصري المرة بعد الأخري. قامت الأجهزة الأمريكية بتهريب الشيخ إلي بلادها، بزعم إنقاذه من الاضطهاد والديكتاتورية في بلاده (..) كما أغدقت بسكن مريح في نيويورك و ب »مصروف جيب« مغر . الأهم من هذا وذاك أن تلك الأجهزة المفترض أنها تسمع، وتسجل دبة النملة سمحت له بشغل وقت فراغه في ممارسة شغفه الدفين بالتخطيط لهجمات إرهابية جديدة والإشراف علي تنفيذها في أي بلد ماعدا طبعاً الولاياتالمتحدة التي لم ولن ينسي أفضالها عليه حتي آخر لحظة في حياته! المذهل أن أول هجمة إرهابية خططها الشيخ وأشرف علي تنفيذها كانت داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية.. علي عكس كل توقعات وتأكيدات رجال المخابرات المركزية، و مكتب التحقيقات الفيدرالي! قُبض علي الشيخ الإرهابي، وتمت محاكمته، وإدانته، وسجنه لعشرات السنين. الضرر الذي أحدثه هذا الشيخ لمن ضحك عليهم، جعل بعضهم يجري اتصالات مع السلطات المصرية لعل وعسي توافق علي ترحيله إليها لمحاكمته علي جرائم ارتكبها وقامت أمريكا بتهريبه قبل مثوله أمام القضاء. وردت السلطات المصرية علي الطلب الأمريكي بما معناه : [ سبق أن طالبناكم مراراً بتسليمنا هذا الشخص المطلوب محاكمته داخل مصر، وفي كل مرة كنتم تعدون ولا تنفذون! فقد تصوّرتم أنكم نجحتم في تجنيده كعميل لأجهزتكم الأمنية واستخدامه في تنفيذ هجمات ضد خصومكم في الخارج، إلي جانب التجسس لحسابكم علي الجماعات الإرهابية الإسلامية في الدول العربية والآسيوية]. وأضاف الرد المصري قائلاً: [.. الآن، وبعد أن ضحك الشيخ عليكم، وكشف عن كراهيته لكم، و رغبته في توجيه أعنف الهجمات الوحشية ضد شعبكم، جئتم إلينا تقترحون ترحيله إلينا! شكراً.. نحن لا نريده. فأنتم الأحق به: أكلاً.. وشبعاً!]. ولأن الأجهزة الأمنية الأمريكية لا تتعلم، ولا تتعظ، من خطاياها.. فقد تكرر الضحك عليها المرة بعد الأخري .. ومن نفس الذين سبق لها التقاطهم من بلادهم، وقامت بتجنيدهم ك »عملاء« و »جواسيس« لها.. إلي أن استغنت عن خدماتهم في مرحلة تالية.. فإذا بهم يتحولون إلي ما يصدق وصفهم ب: »أعدي، وأعتي، أعداء أمريكا والأمريكيين«! أبرز، وأشهر مثال لهؤلاء يدعي: »أسامة بن لادن« الذي التقطته المخابرات المركزية الأمريكية وجندته عميلاً لها، ومسئولاً عن جمع الشباب العربي المسلم للدفاع عن إسلام مسلمي أفغانستان وضد الاحتلال السوفيتي ..آنذاك. حكاية »أسامة بن لادن« معروفة. بدأت بعمالته لل »سي. آي. إيه«، و انتهت بتقمصه دور »المهدي المنتظر« الذي سيقود »جند الله« لإحياء الخلافة الإسلامية ليس فقط في البلاد التي كانت عليها في قديم الزمان، وإنما ستمتد وتتسع عبر قارات الدنيا الخمس. ولأن مشوار الألف ميل يبدأ عادة بخطوة، فقد اختار »بن لادن« خطوته الأولي في اتجاه أغني وأقوي، دولة في الكرة الأرضية: الولاياتالمتحدة، ليوجه لها أفظع، وأبشع، ضربة إرهابية في الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 وهي الهجمة التي أشعلت ما أتفق العالم علي تسميته ب »الحرب ضد الإرهاب«. إبراهيم سعده [email protected]