في حرب الإرباكات التي نعيشها، الحرب المشتعلة هذه الأيام، والتي تشغل الناس، أو تطحنهم، هي تشكيل الهيئة التأسيسية للدستور، وأختيار أعضائها.. هناك بعض القضايا الأخري، تنهش الباقي من أعصابنا، وتستنزف أعمارنا، مثل توابع مذبحة بورسعيد، وحرب الأهلي والمصري التي كادت أن تتحول الي حرب أهلية، وهناك المرشحون للرئاسة، وحركاتهم الاستعراضية عبر الفضائيات، بينما تراجع الحديث تماما وتراجع الانشغال بمحاكمات القرن لمبارك ورجاله، تراجع السؤال عن نقل مبارك الي مستشفي سجن طرة، وطبعا تراجع الكلام عن المليارات المنهوبة و(اللي مش حترجع) ! الأخوان المسلمون يتحركون للسيطرة والاستحواذ علي نسبة (75٪) من عضوية الهيئة التأسيسية، وفرض رجالهم وأعوانهم، أو فرض أشخاص لاعلاقة لهم، ولا قدرة علي المشاركة في كتابة الدستور ومناقشته، مثل لاعبي الكرة ، مرة (ابو تريكة) ومرة (زيزو) تحت دعوي أنهم (شخصيات عامة) دون تحديد من هو الشخصية العامة؟ وهل هو صالح لكل الادوار؟ الغريب أن الدستوريين أنفسهم غائبون عن هذه الهيئة التأسيسية!!.. طبعا القوي السياسية الأخري تعترض وترفض هيمنة التيار الاسلامي علي الدستور، الكثيرون أعلنوا انسحابهم من عوية الهيئة والشارع يعلن غضبه عبر تظاهرات متواصلة تحت شعار (شهر إنقاذ مصر) مطالبين بتشكيل الهيئة التأسيسية من خارج البرلمان، فلا احد بالتأكيد يريد دستورا دينيا، أو دستورا يكتب بصياغة ايدلوجية محددة ومصالح حزبية، هدفها إقصاء الآخر.. الأمر بأكمله يبدو عبثا في عبث، فلا البرلمان، ولا نوابه يمتلكون شرعية حقيقية، وبالتالي مرشحيهم للتأسيسية يفتقدون أيضا لتلك الشرعية، ومن ثم فالدستور المقبل بهذه الصورة، دستور مرشح للبطلان !