كتابة الدستور ليست مشكلة، ولا تتطلب تشكيل لجنة المائة، التي يتقاسم عضويتها 05٪ من نواب البرلمان و50 ٪ من خارجه ، وهو ما أوصلنا الجدل حولها إلي الأزمة الجديدة الحالية بين المؤيدين لهذا السيناريو والمعارضين له. فقهاء القانون أكدوا أن إعداد الدستور لا يحتاج أكثر من شهر واحد، ما دام الهدف ليس اختراع دستور من العدم وإنما مجرد إعادة قراءة دستور 71، وكل ما سبقه من دساتير، وإعادة صياغة أو حذف بعض نصوصه، وإضافة نصوص أخري طال انتظارها. وإذا أردناه دستوراً كاملاً، جامعاً لمعظم آراء وأفكار كل المصريين ، فما أسهل علي فقهاء القانون المكلفين بإعداد الدستور من العودة للاطلاع علي دساتير عشرات الدول العريقة في ديموقراطيتها، والحريصة علي حريات وحقوق سكانها، للنقل منها ما كان ينقص دساتيرنا المصرية. لقد نشرت منذ أيام بعض مواد مشروع دستور جديد أعده الدكتور جورجي شفيق ساري أستاذ القانون الدستوري بجامعة المنصورة اعتمد فيه علي دستور 1971ونقل عنه المواد الأساسية التي لا خلاف عليها بالنسبة للحقوق والحريات والمساواة بين المواطنين، مثل المادة التي تنص علي أن : [الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع وتسري بالنسبة لغير المسلمين أحكام شرائعهم فيما يتعلق بممارسة شعائرهم الدينية وأحوالهم الشخصية]. وفي مشروع الدستور الثاني الذي أعده الأستاذ الدكتور محمد سعد زغلول سالم جامعة عين شمس التزم هو أيضاً بهذه المعاني قائلاً إن: [ مصر دولة إسلامية عربية، دينُها الإسلام ولغتُها العربية، وتحكمها مبادئ الشريعة الإسلامية التي تُقرِّر وتضمن العدلَ والأمنَ والحرية والمساواة لكل من يحيا فيها مِنْ مسلمين و غير مسلمين. أحكام الشريعة الإسلامية هي المصدر الأول والأساسي للقوانين والأحكام والقرارات التي تنظم نواحي الحياة العامة المختلفة لكل من يحيا في مصر من المصريين وغير المصريين]. وأيضاً.. لم يختلف الأستاذان الجامعيان كثيراً في باقي مواد مشروعيهما للدستور الجديد. وسبق أن نقلت بعض ما جاء في مشروع د. جورجي شفيق ساري خاصاً بالحقوق والحريات وأقارن بعضها، اليوم، بما جاء في مشروع د. محمد سالم، بدءاً بما أكد عليه من حقوق المواطنة، وبتوضيح أكثر مما قاله د. ساري. فمثلاً.. اهتم د. محمد سعد زغلول سالم بالنص علي: [يقتصر إنشاء أماكن العبادة الدينية علي المصريين المسلمين والمصريين غير المسلمين من أصحاب الكتاب (المسيحيين والصابئة واليهود) فقط، دون غيرهم من المصريين، من أصحاب العقائد الأخري. ويتم بناء المساجد والكنائس والمعابد بحيث تتناسب مساحاتها مع أعداد السكان بحيث يتساوي جميع المصريين المسلمين والمصريين غير المسلمين من أصحاب الكتاب في المساحة المخصصة للعبادة لكل فردٍ منهم بعد أن يبلُغَ من العمر خمسة عشر عاماً وهي متر مربع واحد طبقاً لتعدادهم السكاني في مكان سكنهم]. ويضيف د. سالم في المادة التالية رقم 9 قائلاً: [حرية الإعتقاد وحرية العبادة مكفولتان لجميع المصريين غير المسلمين من غير أهل الكتاب ممن يعتنقون العقائد المُعتَرَف بها في الدولة المصرية والقائمة علي الإيمان بوجود الله والتي تشمل بصورة حصرية: الشيعية والصوفية والإباضية والبهائية والقاديانية، ولجميع المصريين غير المسلمين من غير أهل الكتاب مِمن يعتنقون العقائد غَيْرَ المُعتَرَف بها في الدولة المصرية والتي تشمل أية عقيدة خلاف ما سبق. ويُحْظَرُ علي أصحاب هذه العقائد إنشاء أية أماكن عبادة دينية خاصة بهم أو ممارسة وتأدية أية طقوسٍ من طقوسهم الإعتقادية أو التعبُّدية بصورةٍ علنية في أية أمكنة عامة حيث تقتصر حقوقُهم في هذا الشأن علي حريتهم الكاملة في تأديتها وممارستها داخل أماكن سكنهم الخاصة فقط إلتزاماً بقواعد النظام العام للدولة المصرية]. .. وأواصل القراءة غداً.