المفروض أن شهر مارس بداية فصل الربيع وتفتح الزهور واعتدال الجو وهو شهر تكريم المرأة، ففيه يوم المرأة العالمي الموافق 9مارس ويوم المرأة المصرية الموافق 16 مارس ثم تتوج بدرة الأعياد عيد الأم في 21 مارس. لكن مارس من هذا العام جاء محبطا للمرأة المصرية التي شاركت مشاركة فعالة في ثورة يناير المجيدة منذ اشتعال شرارتها الأولي.. نزلت فتيات مصر ونساؤها لتشارك في المظاهرات وتعرضن للضرب بهراوات الأمن المركزي ولاستنشاق الغازات المسيلة للدموع، ولم تفرق رصاصات القناصة بين شاب وفتاة أو بين مسلم وقبطي فكلهم أمام الداخلية متظاهرون. لم ترحل المرأة المصرية عن ميادين التحرير في جميع محافظات مصر كسرت حاجز الخوف من الموت وقدمت ما هو أغلي من دمها ومن حياتها قدمت أبناءها شهداء في ريعان الشباب، ومن لم يقتل أصيب بخرطوش الغدر فأصبح من ذوي الاحتياجات الخاصة أو فقد إحدي عينيه أو كلاهما في جريمة بشعة يأبي ابليس شخصيا أن يرتكبها ،ومهما ارتفعت قيمة التعويضات فلن تعوض ابتسامة شاب واحد قصف عمره غدرا قبل أن يحقق أحلامه ! في أحداث ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء كانت المصريات حاضرات بقوة ودفعن الثمن مضاعفا تلقين الإهانة المتعمدة والسب بألفاظ تمس الشرف وضربن بكل قسوة وعنف وسحلن في الشوارع وخلعت الملابس عن فتاة بميدان التحرير أمام كاميرت العالم ثم اتهمها البعض في شرفها ولم يتعاطف معها إلا ذوي القلوب الرحيمة. الانتهاكات التي تعرضت لها نساء وفتيات مصر خلال العام الماضي غير مسبوقة في تاريخنا وتخلو من أي أسباب منطقية إلا إذا كان الهدف منها بث الرعب في قلوبهن ليعدن الي البيوت ويبتعدن عن الثورة وإلا تعرضن للإهانة اللفظية والضرب والتحرش، كثير من هذه الانتهاكات رأيناها علي الهواء أمام عيوننا جميعا وسجلت صوتا وصورة وهي موثقة وشهودها وضحاياها مستعدون للشهادة، لكن الجهات الرسمية اعتادت علي الإنكار والادعاء بأن الصور مفبركة وتطالبنا بأن نكذب عيوننا ونلغي عقولنا ونتهم اللهو الخفي بارتكاب كل الجرائم التي إهتز لها وجدان مصر. في 9مارس مع الاحتفال باليوم العالمي للمرأة حلت الذكري الأولي لواقعة كشوف العذرية التي حدثت لحوالي 20 فتاة من المتظاهرات المقبوض عليهن في السجن الحربي .. لم تتجرأن علي الحديث عن الإنتهاك الجسدي والإذلال المعنوي والمهانة التي تعرضن لها عقابا لهن علي ممارسة حقهن في التظاهر.وعادةيراهن كل من ينتهك كرامة أوعرض أنثي علي صمتها إما خجلا أوخوفا من نظرة المجتمع لما يعتبرونه فضيحة لأن الأنثي غالبا هي من تتلقي اللوم والإدانة حتي لو كانت ضحية ولكن خيب الله ظنهم فتشجعت سميرة ابراهيم إحدي ضحايا كشوف العذرية وحكت ما حدث لها علي الإنترنت ثم لجأت للقضاء ليعاقب المذنبون،وبعد تخفيف التهمة من هتك عرض إلي خدش حياء حكمت المحكمة ببراءة الطبيب لتضارب أقوال الشهود،ورغم الإحباط الذي أصاب فتيات الثورة ولكن لن يصيبهن اليأس وستتواصل مراحل القضاء ويكفي أن النشر الاعلامي المكثف ألقي الضوء علي هذه الممارسات غير الإنسانية وسوف يؤدي الي توقفها بالضرورة. نصف المجتمع من النساء وأكثر من ثلث الأسر المصرية تعولها نساء ومع ذلك فازت 10 عضوات فقط بمقاعد في مجلس الشعب، وها هي الحركات النسائية تناضل لتمثيل المرأة في لجنة إعداد الدستور . بعض الموظفين بالشهر العقاري ينصحون المواطنين بعدم عمل توكيل لبثينة كامل للترشح للرئاسة لأن رئيس مصر لا يصح أن يكون سيدة.. لقد استكثروا عليها محاولة خوض السباق لمجرد أنها امرأة.. يالعدل الرجال!