تحظي مصر بحركة فنية مزدهرة منذ مطلع القرن العشرين وحتي الآن، ولم تحظ الحركة الفنية التشكيلية تسويقاً ثقافياً وتجارياً لعدة أسباب جوهرية بعيداً عن التفاصيل التي طرحناها كثيراً دون جدوي. أول هذه الأسباب الهوة الواسعة بين الجمهور والفنانين وتسبب فيها الإعلام بوسائله المتنوعة المرئية والمقروءة والمسموعة.. والذي تجاهل عن عمد هذا الفن الراقي، وفي نفس الوقت تعاظم دور الإعلام بالاهتمام بكرة القدم، والسبب الثاني أمية الثقافة الفنية وهي مرتبطة بالسبب الأول، الثالث التعليم يفتقد إلي مناهج التذوق الفني وعلم الجمال وتاريخ الحضارة هذه مواد ضرورية لجميع الطلاب، الرابع النشر كارثة اخري نسبة إصدارات الكتب الفنية شبه معدومة. كما من رجال المليارات جمع ثروة فنية متمثلة في أعمال فنية لكبار الفنانين.. يعدون علي الأصابع وعلي رأسهم نجيب ساويرس وأحمد بهجت وأحمد عز المقيم في سجن طره، وغيرها أسباب كثيرة، كل هذا ساهم في عزوف المواطنين الإقبال علي تأسيس مشروعات لتسويق الفن.. لذا أصبحت مصر أفقر دول العالم في عدد قاعات العرض نسبة لعدد سكانها.. في الوقت الذي تحظي به دول كفرنسا وإنجلترا وإيطاليا وأسبانيا بعشرات الآلاف من قاعات العرض بدءاً من العاصمة حتي المدن والقري الصغيرة، فالمواطن الذي يمتلك قاعة عرض في مصر يعد من المقاومين والمناضلين ضد الجهل، فقاعة »مصر« الكائنة بالزمالك والتي يديرها الفنان محمد طلعت بمهارة وبتأمل حتي تكتسب منهجاً واضحاً في تعاملها مع الفنانين، افتتحت منذ شهور بمعرض لمجموعة من الفنانين، وبعد ذلك أقيم معرض لمجموعة من المثاليين وجاء المعرض مهما للغاية لأنه ضم مجموعة متميزة نذكر منهم أحمد العسقلاني الذي قدم تمثال (تباع العيش) برونز (الحمار) برونز 1102، بنائيات راسخة لموضوعات حية، وتباع العيش يتميز بتوازن مبهر ورشاقة ذات ثلاثة أبعاد، خالد زكي فاجأنا برؤية جديدة (وطن جالس) (الرجل المشتعل) 1102 من خامة الرخام وهي خامة نبيلة استطاع من خلالها تشكيل محدود ومناسب افقياً ويمتد الجذع الي الميل الرأس في تأمل وشموخ، وكأن الجسدين ينبعان من الارض إلي أعلي، محمد الفيومي (السمكة) (العصفور) من خامة البرونز المثال يتحدي الواقع بتمسكه بإرادة الفنان بالعناصر الطبيعية.. ولكن بصياغة ورؤية حديثة ومعاصرة، محمد رضوان (عروسة النيل) ثلاث عرائس من البرونز تذكرنا بالنحت المصري القديم ولكن بتأمل عميق وحلول جديدة تعتمد علي مرجعية رشاقة التمثال في الفن المصري القديم وأهمهم رقم، تتميز بالسيطرة والتحكم في المعالجة والبناء، ناجي فريد بثلاثة تماثيل من البرونز (امرأة تمثل المجموعة) وتتميز بالقدرة علي فهم البناء الجمالي لفن النحت المصري القديم وبمهارة فائقة في كيفية إحداث حالة جديدة ومتفردة تذكرنا بالمثال مختار الذي أسس مدرسة النحت المصرية الحديثة المبنية علي أصول تاريخية وهذا ما يميز ناجي فريد الذي يعد من أهم الناحتين المعاصرين في مصر، عمر طوسون قدما وجه من البرونز أكثر من رائع اختزل كل التفاصيل في الوجه البيضاوي الذي يشع طاقة، صلاح حماد الذي يعمل في صمت أحد نجوم النحت المصري المعاصر قدم (صعود، وجه) من البرونز في حالة تعبيرية مذهلة، سعيد بدر مثال جدير بالتميز قدم صرحا (تاريخ مدينة) من الجرانيت الأسود ومحفور عليه نصوصاً تذكرنا بحجر رشيد، شمس القرنفلي أحد النجوم قدم تمثالين من الرخام ذات عمق تعبيري تحت عنوان (جبل أبو غنيم) بالقدس.