لقاء مشترك بين المصري الديمقراطي الاجتماعي ونظيره السويدي لتعزيز التعاون الحزبي    جدول امتحانات الصف الأول الإعدادي الترم الثاني 2025 بمحافظة مطروح    معرض بعنوان «مصر تكشف عن نفسها» بمتحف قصر هونج كونج    "البترول": "مودرن جاس" تنتهي من تنفيذ مشروع متكامل للغاز الطبيعي بالإمارات    الإمارات تعرب عن قلقها من تطورات الأوضاع في طرابلس الليبية    التشكيل الرسمي لمواجهة ميلان ضد بولونيا فى نهائى كأس إيطاليا    وزير الرياضة يشهد افتتاح كأس الكؤوس الإفريقية لكرة اليد    يوفيتش يقود تشكيل ميلان ضد بولونيا في نهائي كأس إيطاليا    تغييرات بالجملة، أنشيلوتي يعلن تشكيل ريال مدريد أمام مايوركا في الدوري الإسباني    وفد مصري يستعرض خطة تنظيم بطولة العالم للجامعات للسباحة بالزعانف أمام الاتحاد الدولي في لوزان    حملة أمنية في أسوان تضبط 6 قطع سلاح وتنفذ 815 حكما قضائيا    خدعة في زجاجة مياه.. حكاية شاب أنهى حياة خالته بقطرة سامة بالجيزة    الإنقاذ النهري يكثف جهوده للعثور على جثمان غريق بالأقصر    استمرار حبس محمد غنيم.. وموكله: ننتظر تحديد جلسة محاكمته    عبير منير: بوسي شلبي كانت تعشق محمود عبدالعزيز وما يحدث ظلم لها    رامى عاشور: ترامب يسوق لنفسه كرجل سلام وأنه مازال مؤثرا بالمعادلة السياسية    أمين الفتوى يحذر من استخدام المياه في التحديات على السوشيال ميديا: إسراف وتبذير غير جائز شرعًا    نصائح لاستخدام المراوح والتكييفات بشكل آمن على الأطفال    ضبط سلع غذائية منتهية الصلاحية بمركز أخميم فى سوهاج    وزراء خارجية "الناتو" يبدأون اجتماعهم بأنطاليا لبحث زيادة الإنفاق الدفاعي قبل قمة لاهاي    باكستان.. قتيل و10 جرحى بهجوم على مسيرة مؤيدة للجيش    ختام الأسبوع ال 38 ل «أهل مصر»    بعد رحيله.. من هو أفقر رئيس في العالم خوسيه موخيكا؟    هل من حقي أن أطلب من زوجي تعديل مظهره وهيئته؟.. أمين الفتوى: يجوز في هذه الحالة    الشيخ خالد الجندي يكشف الفارق بين "الطاهر" و"النافع"    الزمالك يتأهل للدورى الممتاز ب لكرة السلة سيدات    «مش هعرف أمد ايدي عليها».. فتحي عبدالوهاب يكشف كواليس ضربه ل ريهام عبدالغفور    5 أبراج يتألق أصحابها في الإبداع والفن.. هل برجك من بينها؟    تفاصيل صادمة في أمر إحالة متهمين بقتل شخص بالجيزة إلى المفتي    سيدات الزمالك يتأهلن إلى الدوري الممتاز ب لكرة السلة    الصين تتراجع عن قيود فرضتها مسبقًا على الولايات المتحدة الأمريكية    دعم إيجاري وإنهاء العلاقة بعد سنوات.. "الاتحاد" يعلن عن مشروع قانون للإيجار القديم    لعدم تواجد طبيب.. وكيل صحة الشرقية يجري جراحة لطفل أثناء زيارة مفاجئة ل"أبو حماد المركزي"    عبلة الألفى ل الستات: الدولة نفذت 15 مبادرة صحية منهم 60% للأطفال    استقبالا لضيوف الرحمن فى البيت العتيق.. رفع كسوة الكعبة 3 أمتار عن الأرض    مصطفى كامل.. طرح أغنية «قولولي مبروك» اليوم    استمرار فعاليات البرنامج التدريبي "إدراك" للعاملين بالديوان العام في كفر الشيخ    "الجبهة الوطنية" تعلن تشكيل أمانة ريادة الأعمال    جامعة الجلالة تنظّم أول نموذج محاكاة لجامعة الدول العربية    حجز محاكمة الطبيب المتهم بالتسبب في وفاة زوجة عبدالله رشدي للحكم    تأجيل محاكمة قهوجي متهم بقتل شخص إلى جلسة 13 يوليو    "الوثائقية" تعرض غدا فيلم "درويش.. شاعر القضية"    الجارديان: القصف الإسرائيلي على غزة ينذر بتصعيد خطير يبدد آمال وقف إطلاق النار    البنك المركزي: القطاع المصرفي يهتم كثيراً بالتعاون الخارجي وتبادل الاستثمارات البيني في أفريقيا    الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء: 107.5 الف قنطار متري كمية الاقطان المستهلكة عام 2024    إيتيدا تشارك في المؤتمر العربي الأول للقضاء في عصر الذكاء الاصطناعي    دار الإفتاء توضح الأدعية المشروعة عند وقوع الزلازل.. تعرف عليها    وكيل عمر فايد يكشف ل في الجول حقيقة إبلاغه بالرحيل من فنربخشة    المجموعة الوزارية للتنمية البشرية تؤكد أهمية الاستثمار في الكوادر الوطنية    الوزير "محمد صلاح": شركة الإنتاج الحربي للمشروعات تساهم في تنفيذ العديد من المشروعات القومية التي تخدم المواطن    توقيع بروتوكول بين المجلس «الصحي المصري» و«أخلاقيات البحوث الإكلينيكية»    محافظ الشرقية: لم نرصد أية خسائر في الممتلكات أو الأرواح جراء الزلزال    براتب 7 آلاف ريال .. وظيفة مندوب مبيعات بالسعودية    للمرة الثالثة.. محافظ الدقهلية يتفقد عيادة التأمين الصحي بجديلة    ورش توعوية بجامعة بني سويف لتعزيز وعي الطلاب بطرق التعامل مع ذوي الهمم    "معرفوش ومليش علاقة بيه".. رد رسمي على اتهام رمضان صبحي بانتحال شخصيته    بالصور.. جبران يناقش البرنامج القطري للعمل اللائق مع فريق "العمل الدولية"    دون وقوع أي خسائر.. زلزال خفيف يضرب مدينة أوسيم بمحافظة الجيزة اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فن النحت.. وفلسفة التمرد
نشر في القاهرة يوم 15 - 11 - 2011


اذا كان جورج البهجوري يقول انه فرع من شجرة بيكاسو علي اعتبار انه يرسم علي طريقته .. فيعد المثال جمال عبدالناصر فرعا اخر من هذه الشجرة ليس لانه يلتقي معه في تلك التحريفات التي تخرج علي الاطر والاشكال المحفوظة والقوالب الساكنة ..ولكن ايضا لان كلا من بهجوري وعبد الناصر مثل بيكاسو ليس لهما من شاغل سوي التجريب المستمر واللعب بالفن.. وكلاهما يمثل حالة خاصة في الابداع .. بهجوري ينام والفرشاة في يده ويعرف المعني الحقيقي لفقه التصوير وعبدالناصر يتمرد علي الكتلة ويتنفس التشكيل.. وقد غرس الفرعان في تربة مصرية.. فرع ينتمي لبهجورة احدي قري الاقصر وفرع اخر ينتمي لحارة من حارات قاهرة المعز . الحداثة والتجريب نسوق هذا الكلام ونحن بصددالحديث حول معرض المثال جمال عبدالناصر والذي اقيم بقاعة الزمالك وكعادته خرج باعماله علي قاطرة الفن التقليدية .. تلك القاطرة التي توحي بالحركة وهي مازالت ساكنة .. وهي اعمال تعد بحق مساحة متألقة للحداثة وما بعد الحداثة ايضا .. هذا المصطلح الذي تمت صياغته بداية الثلث الاخير من القرن العشرين ..فبعضها ينتمي للفن الفقير " الارت بوفيرا " ..ذلك لان جمال دائب التجريب وهو يستخدم خامات عديدة ومتنوعة بما فيها الخامات القابلة للتحلل كما في الفن الفقير مثل الاحبال والخيوط والرمال والسلك وبقايا الاشياء المستهلكة مع العجائن والالوان .. كما ان اعماله تتواصل مع الحضارات القديمة والفنون البدائية . وعلي الجانب الاخر يستخدم عبدالناصر الخامات النبيلة مثل الرخام والخشب مع الحديد كما في معرضه الحالي . . وهو منذ تخرجه وربما قبل ذلك وحتي الان يبدو ثائرا علي الاشكال المعادة والمكررة .. حتي انه يقول لقد عانيت مر المعاناة من اساتذتي في فن النحت فلم يكن اغلبهم يدرسون النحت بمفهوم صحيح .. وبعد التخرج حدث لي مايمكن ان نطلق عليه عملية تقويم . فلسفة التمرد وجمال يعيش التمرد في الابداع فهو يحذف ويختزل ويضيف ويحرف وقد يعود الي منحوتة انتهي منها من قبل ويقدمها في صياغة جديدة .. ومن هنا لا تهمه الفكرة بقدر تحقيق بعض غايات الفن من الدهشة والمتعة البصرية واثارة الخيال . يقول جمال عبدالناصر :"في رايي ان ليس هناك اضافات فكرية إلا الخبرة والخامات.. فافكاري مازالت كما هي ولكن المرحلة السنية بعد كثير من التجارب في الشكل وجمالياته والخامة وملمسها واحساسها المختلف عن الاخري واللون علي النحت ومايناسبه ومالايناسبه ..اما الجديد في هذا المعرض فهو تنفيذ بعض الاعمال بخامة الخشب والرخام .. هذه الخامات الطبيعية والجميلة تعطيني انا شخصيا صدمة لاحساس جديد بطعم مختلف لاعمالي .. الامر الذي يمثل دفعة للعمل والمحاولة مرة اخري بنفس الخامات واكتشاف الطاقة الابداعية لخامات اخري جديدة .. والحقيقة انا حتي الان لا تعنيني القصص والمواضيع فافكاري هي اقرب الي التجريد منه لاي شيء اخر .. فكل مايهمني هو جماليات النحت والشكل وطبعا هناك اشياء بداخلي لا اعرف توصيفها ولا اعرف معناها .. فهناك اسرار داخل كل فنان لايعرفها هو شخصيا ". وعند الدخول الي القاعة يتصدر تمثاله النصفي البديع "الاله البدائي" الذي شكله بعمق لمسته التلقائية والذي جمع فيه بين معان شتي .... وهو تمثال اسطوري تطول فيه الرقبة وتمتد رأسيا اما الرأس فينتهي بما يوحي بتاج صغير وكانه يؤكد علي طفولة الاشياء وسحرها الذي لاينتهي رغم ضراوة العصر وحدة الصراع الكائن بين البشر حاليا في بقاع عديدة علي الارض . . والتمثال مسكون بسحر اللمسات تتنوع فيه الملامس والسطوح بمسحة من القدم ..ثم نفاجأ بتلك المفارقة .. ان التمثال بعمقه التعبيري ماهو الامقشة قاعتها هي الجسد بينما اليد هي رأس الاله . وهو يعمد الي الايهام ايضا من خلال هذا التشكيل ليدين يلتقي فيهما اصبعان يشكلان مع الفراغ الناشئ وجها من السلويت وهنا تتحقق غاية التجاوب بين الكتلة والفراغ في ايقاع متناغم . . بتلك الفراغات العديدة، وهذا التلاقي بين اليدين والوجه الافتراضي او التخيلي . ولعل منحوتته التي تبدأ من اسفل بجسد انثوي ثم تنتهي من عند الراس بيد من خمسة اصابع تتاكد فيها نفس فكرة الايهام وذك تاكيدا علي تلك الروح التي تتجاوز المعتاد والمالوف الي اشكال تمتد في افاق جديدة فيها الواقع والخيال وفيها الروح السيريالية والحس الاسطوري بما تحمل الكف من ايحاءات شعبيية . الرجل والدراجة ومازال فناننا مشغولا بمنحوتته الرجل والدراجة فهو يشكلها في ايقاعات عديدة ومتنوعة بدنيا من المبالغات والتحريف وعنف الحركة وهي من المنحوتات الفريدة في التشكيل النحتي وفيها ينقلنا الي ثلاثة مستويات من التشكيل ..بين العرضي المتمثل في الدراجة التي تتميز بالحركة الميكانيكية والرأسي المتمثل في الراكب ثم هذا التشكيل الامامي للوجه والذي ياخذ هيئة القناع ... وهنا نطل علي فرجة شعبية تذكرنا ببهجة الحياة في السيرك . ولقد جاءت معلقات جمال عبدالناصر المجسمة والتي جمع فيها بين النحت والتصوير في اربع معلقات انثوية بلا رءوس واطراف بانتماءاتها لفن البوب او الثقافة الجماهيرية ..اضافة جديدة في عالمه بما تشتمل من التجسيم والثبات مع ثراء السطوح والتنوع الشعبي في التلوين والمستمد من الصور البصرية للحياة اليومية المعاصرة كما نري في الرداء الذي يوحي بالقماش الشعبي المطبوع . وتخف كثافة الكتلة عند عبدالناصر في اشكاله الورقية المحرفة والتي تعتمد علي رقائق من الحديد كما في تشكيله "الرقصة" وايضا تلك الاشياء التي شكلها من السلك والتي من فرط رقتها تكاد تذوب في الفراغ مثل ديكه الملون الذي شكله من ثنيات السلك فبدا واضحا بكثافته اللونية الصريحة من الاحمر والاصفر والازرق والاخضر .. وفي نفس الوقت يمتزج بالفراغ في الضوء الطبيعي . ومن بين ذري اعمال عبدالناصر النحتية تشكيله النحتي لامراة والذي يصل فيه بالكتلة الي درجة كبيرة من النقاء والاختزال بتلك اللمسات القوسية التجريدية فنري الراس يبدو في شكل بيضاوي أملس بلا تفاصيل ينفرج في النهاية عن الشعر الذي ينساب الي اعلي بهيئة مجموعة من الاسلاك الرفيعة مما اضفي علي التشكيل طابعا ميتافيزيقيا كونيا . وتتنوع اعمال الفنان في اشكال اخطبوطية تؤكد علي مرح الحياة وبهجتها وهي اشكال لشخوص في حركات وايقاعات لاتهدأ من فرط حيويتها وكانها داخل حلبة السيرك . واذا كان عبدالناصر قد مزج عناصر طبيعية باخري تجسد روح العصر الصناعي كما في تشكيله "العنزة " التي تمثل توليفا بالغ الطرافة : الجسد بهيئة خزان معدني صغير للمياه والراس والقرنان في شكل صنبور اما الذيل فينتهي بمشط.. الا ان منحوتته «الغزالة» من خلال الحذف والاضافة تبدو ايقونة للمرح والحيوية في فضاءات الطبيعة . لقد شكل جمال عبدالناصر اسطورة الانسان المعاصر..همومه واحلامة ولحظات سعادته في تعبيرية درامية . كما جسده في ايقاع جديد علي فن النحت المصري الحديث .

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.