ليس مبارك وحده من ارتكب جريمة الخيانة العظمي في حق مصر وشعبها بالفساد والإفساد وإفقار الشعب ونهب ثرواته والتي يطالب الكثيرون بمحاكمته عليها. وإنما ارتكب حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق جريمة الخيانة العظمي حين أمر بسحب قوات الشرطة من جميع أنحاء البلاد يوم 28 يناير وهي التهمة الأخطر التي ينبغي أن يحاكم عليها مع التهم الأخري: وهي قتل المتظاهرين السلميين العزل التي لا زالت منظورة أمام المحاكم، والفساد المالي التي حكم عليه فيها بالسجن 12 عاما. لا يمكن أن نصدق أن انسحاب الشرطة المفاجئ من الشواع قي جميع المحافظات حدث صدفة ودون ترتيب حتي ضباط وعساكر المرور اختفوا من اماكنهم.. هل اتخذ الآف الضباط والجنود كل منهم قرارا فرديا بترك عمله عندما بدأت ملايين المتظاهرين في فرض كلمتها الرافضة للنظام. القسم الذي اقسموه علي حماية الوطن وتاريخ العلاقة غير الودية بين الشرطة والشعب الحافل بالممارسات العنيفة التي جعلت المتظاهرين يختارون يوم عيد الشرطة 25 يناير للخروج في مظاهرتهم التلقائية التي سرعان ما انضمت إليها الملايين لتتحول إلي ثورة شعبية أجبرت الرئيس السابق علي التنحي بعد 18 يوما فقط، ولم يتسبب قطع الاتصالات عن المحمول في انقطاع الاتصال بين ضباط وجنود الشرطة وقيادتهم فأجهزة اللاسلكي لم تنقطع يومها - علي حد علمي - ومن الصعب أن يعرض كل الضباط أنفسهم للتحقيق للإخلال بواجبات عملهم ويحدث بينهم توارد خواطر فيختفون ويتركون البلد كلها نهبا للمجرمين والبلطجية والهاربين من السجون وأقسام الشرطة التي تم إحراق معظمها عمدا! لا أحد يصدق تلك المبررات الواهية التي ساقها العادلي في دفاعه عن نفسه أمام المحكمة في تهمة قتل المتظاهرين من اسباب غير مقنعة لانسحاب جميع قوات الشرطة واختفائها بشكل مدبر وليس عشوائيا لأن أحدا منهم لم يكسر القاعدة ولو علي سبيل الاحساس بالمسئولية.. صحيح أن قوات الجيش نزلت بعد 3 ساعات فقط من انسحاب الشرطة لتتولي تأمين البلاد، لكن الجيش لايغني عن الشرطة التي تعلم بأماكن تواجد الخارجين عن القانون وقواتها مدربة للقبض عليهم، لقد تخلت الشرطة عنا بانسحابها المفاجئ وتنصلت من أداء واجبها في حماية الشعب ومنشآته وتركتنا تحت رحمة من لا يرحم من مجرمين ماتت ضمائرهم،وما كل الفوضي الأمنية المتزايدة يوما بعد يوم إلا حصاد انسحاب الشرطة يوم 28 يناير 2011 . إن إرخاء الحبل للكلاب المفترسة وإفساح المجال لمعتادي الاجرام أدي الي توحشهم، وخرجت الثعابين من الشقوق وانتهي بياتها الشتوي، وازدهرت مهنة البلطجة في عصر الانفلات الأمني ودعم أعداء الثورة المادي لهذه الفئة الضالة وجذبت المزيد من شباب العشوائيات العاطلين ومدمني المخدرات للانضمام لأخطر تنظيم علي أمن مصر أفرادا ومنشآت وأموالا، ففقدنا الإحساس بالأمن في بيوتنا وشوارعنا، ليلا أو نهارا، وسط الزحام أو في الأماكن الخالية.. حتي نحمل الثورة المسئولية ونندم علي أيام مبارك الذي نفذ تهديده للشعب المصري من خلال أتباعه وفلوله ليثبتوا صدق مقولته (أنا أو الفوضي)، وها هو العنف يضرب في كل مكان بكل وقاحة فيهاجم 9 بلطجية محطة مترو السادات لسرقة الركاب بالإكراه، ويهاجم الصاغة 300 مسلح بأسحة آلية لسرقتها ويدخلون في معارك مع قوات الجيش، ويهاجم الملثمون البنوك ويسرقون الناس والسيارات بالإكراه وتباع الأسلحة النارية في الشوارع لمن يدفع.. فماذا سيكون مصير مجتمع لا يأمن أفراده علي أنفسهم؟ ولن اتحدث عن السياحة أوالاقتصاد ولا عن هيكلة الشرطة فقط أنادي بمواجهة قوية للبلطجة قبل أن يفلت الزمام، مستقبل مصر في أمنها!