تأتي أهمية مؤسسات القطاع الخاص في الوقت الحالي في حمل المسئولية الاجتماعية لبناء مصر الحديثة جنبا إلي جنب مع الحكومة ومنظمات المجتمع المدني في وقت تتمثل المشكلة الرئيسية لشبابنا الأن في الحصول علي فرصة عمل حيث أعلن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أول أمس نتائج بحث القوي العاملة للربع الرابع (أكتوبر- نوفمبر- ديسمبر) لعام 2011 حيث بلغ معدل البطالة وفقاً لمعايير منظمة العمل الدولية 12.4٪ من قوة العمل بينما كان 11.9٪ خلال الربع الثالث من عام 2011 مما يعكس إرتفاعاً في معدلات البطالة. ويعرف الخبراء المسؤولية الاجتماعية بأنها مشاركة الشركات في التنمية المستدامة للمجتمعات أي التنمية التي تستجيب لحاجات الحاضر دون التضحية بالمستقبل وهي قائمة علي الارتباط بين الاقتصاد والبيئة وحاجة المجتمع. فالمسؤولية الاجتماعية تشتمل علي كل من له علاقة بالشركة من موظفين وموردين وعملاء وصولا إلي المجتمع المحلي والبيئة المحيطة والسلطات الرسمية والشركات الأخري والمجتمع المدني. وبلا شك لا أحد ينكر الدور الايجابي الذي تقوم به الكثير من المؤسسات الخاصة في مصر من مسؤولية اجتماعية تجاه المجتمع من رصف الطرق وبناء المستشفيات والمدارس ونشر الوعي الثقافي وغيرها، وخصوصا بعد الثورة حيث قامت شركات بدعم الاقتصاد من خلال مساهمتها بجزء من أرباحها لإعادة بناء المنشآت التي خربت أو لإعانة صندوق أسر الشهداء أو مصابي الثورة، أو في المساهمة في تشغيل أعداد من الشباب العاطل أو الدور الذي تقوم به جمعيات نشطة مثل مع جمعية "ويانا" لذوي الاحتياجات الخاصة حيث تساهم في تأهيلهم ومحاولة إيجاد فرص عمل مناسبة لإعاقاتهم. وفي رأيي أنه يجب تشجيع وتحفيز النماذج الايجابية للمشاركة الاجتماعية والاشادة بأدوارهم المجتمعية، ولعلي أعجبت جدا بتجربة فريدة وناجحة في تفعيل المسئولية الاجتماعية لمدرسة دولية بمنطقة جزيرة محمد ببشتيل بمنطقة فقيرة مجاورة لامبابة، أسسها مصريون شرفاء لتكون نموذجا مصريا لتعليم دولي متميز يحمل قيمنا وثقافتنا المصرية الأصيلة ليضاهي مثيله بالدول المتقدمة، ولتخريج أجيال مصرية متميزة تعليميا وثقافيا،غير مغتربة عن طبائعنا وعاداتنا وتقاليدنا، بل تعيش مشاكل وهموم الوطن، وكيف نجحت هذه المدرسة في حشد الطاقات المجتمعية من طلابها وأولياء أمورها وأعضاء هيئة التدريس لديها من خلال إنشاء جمعية تابعة لها للخدمات المجتمعية عام 2004 لتقديم خدمات أساسية لسكان المنطقة ببشتيل عندما وجدت تعثر الحكومة في خلال السنوات السابقة عن تقديم مثل هذه الخدمات لأهل المنطقة، وكيف عملت مجموعات العمل بهذه المدرسة بصمت وبأسلوب منظم ومدروس وبمبادرة منهم في دراسة إحتياجات أهل المنطقة من خلال عدة مقابلات متعددة وعمل استبيانات للرآي مع أهالي المنطقة، ثم جمعت التمويل اللازم لسد هذه الاحتياجات من خلال تنظيم حملات له، وتنظيم معارض لبيع الأعمال الفنية للطلبة ومنتجاتهم في المدرسة، وبدعوة أهل الخير للتبرع من زكاة المال أو من خلال صدقات جارية، استطاعت أن تزيل أكوام القمامة المحيطة بالمنطقة وتحولها إلي مساحات خضراء لأهل المنطقة، واستطاعت أيضا أن ترصف الطريق الرئيسي والفرعي لسكان بشتيل والذي كان يتسبب في حوادث كثيرة، بل ساهمت في سد إحتياجات المدارس المجاورة لها من خلال بناء مستوصف طبي لأهل المنطقة الذي حصل علي جائزة دولية "روبرت بلاك برن" للخدمات المجتمعية، منافسة مع 2176 مدرسة دولية في 125 دولة وبحضور 000و582 طالب من مدارس دولية مختلفة، وساهمت أيضا في محو أمية أهل المنطقة من خلال فصول محو الأمية، بل دعمت عمليات التدريب من أجل المساهمة في تشغيل الشباب. فنموذج هذه المدرسة يعد من النماذج الناجحة للمسئولية الاجتماعية وفي حشد وتحفيز الطاقات المجتمعية لها. ولذلك، اقترح تنويط جهة أو إتحاد من مؤسسات القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني يقوم بحصر حاجات المجتمع التي يمكن أن تسهم بها الشركات للنهوض بمصر الحديثة في جميع المجالات بداية بتشغيل الشباب والمساهمة في صندوق أجور العاملين لرفع أجورهم وبالأخص في الفئة التي تتقاضي الحد الأدني للأجر المقدرة ب700جم و في دعم المشروعات العملاقة للدولة لتستوعب أعداد العمالة المؤقتة، وفي رفع تنافسية الأفراد من خلال تأهيلهم وبالأخص للتعليم الفني، وفي دعم التمويل اللازم للنهوض بالتعليم والصحة أو إعادة هيكلة مؤسساتنا. وفي الختام أن هذا التخصيص والتقنين لمؤسسات القطاع الخاص والمدني بمجال معين سوف يسهم في بناء المجتمع علي جميع المستويات ويحول دون الازدواجية في الأعمال فيما بينهم، كما يؤدي إلي العدالة في توزيع الدعم دون استحواذ شريحة من المجتمع دون الأخري.