جمال الغىطانى عندما اندلعت الثوارة الفاصلة التي أيقظت الجذوة الكامنة عند المصريين، كان الخال عبدالرحمن في معزله الصحي بالإسماعيلية، كان بعيدا لكنه سرعان ما أصبح في قلب الميدان، بل إن حضوره أصبح أقوي من بعض المتواجدين فيه، نصف قرن تقريبا تمثل طريقه إلي هذه اللحظة، لم يكف خلالها عن الانشاد ضد الظلم، القهر، مدافعا عن الإنسان، عن المصري البسيط الذي لم يعرفه شخص مثل الأبنودي الشاعر والذاكرة لعادات وخبايا أهله من المصريين خاصة الصعيد المصدر والكمون، صال وجال صوته الهادر في كل ميدان نائبا عن جسده الذي نال منه المرض ولكن روحه ظلت مستيقظة ننشد وتعبر عن الاسرار والسعي الحكيم، الأبنودي ليس ميدانا ولكنه طريق، شأنه مثل المبدعين الكبار من ابناء جيله الذين عبروا عن المقاومة وكانوا نعم الضمير الحي، مهدوا وعبروا الطريق إلي الخامس والعشرين، في قصيدته الأحزان العادية التي انشدها منذ حوالي ثلاثين عاما اكتشفها الشباب قبل الثورة واجتزأ منها مقاطع سجلها علي الهواتف، قصيدة ضد القهر البوليسي وتعامله مع الثوار. نتاج اعتقاله في عام 6691، عبر الخال عن تجربة الحبس قبل اعتقاله في »الأرض والعيال«، وبعد الحبس في العديد من اشعاره الرفيعة مثل »ضحكة المساجين«، و»الاسم المشطوب« التي لخص فيها هول الأحوال من خلال عبدالعاطي البطل الشهير والذي قدر لي ان اكتشفه ونيران الحرب ضروس، وان اعايشه حتي وفاته وادافع عن حقه في الحصول علي ستة أجولة دقيق لادارة المخبز الذي افتتحه ليطعم من عائده أسرته، جاء عبدالعاطي من العالم الآخر إلي الخال اثناء رقاده في باريس، حقا.. ما أغرب الشعر، أثمر اللقاء هذه القصيدة البديعة التي نصغي فيها إلي صلصلة اجراس الثورة، في الميدان نصغي إلي قصائد ما قبل وما بعد، والخال هو هو، الشاعر الإنسان العظيم الذي يجسد الضمير ويعبر عن الجموع، اصبح صوته المميز معبرا عن الثورة والثوار.. وهو هناك في معزله يشعل الأرواح نارا مقدسة، توقفت طويلا امام قصيدة غريبة، عجيبة، فريدة في الشعر العربي بفصحاه وعاميته، يقدمها الخال علي استحياء، عنوانها »آخرة الزمر« أما القصيدة التي لم ترد في الديوان ولم يضمنها فهي مماثلة لتلك وعنوانها »الدف« اتمني ان ينشرا ليطلع القارئ علي الشعر الممهد للثورة التي لم تأت من فراغ، أما الدكتور أحمد مجاهد فالشكر له واجب علي إصدار الديوان مع سي دي يحمل صوت الخال وبثمن بخس، فقط اثنا عشر جنيها للكتاب والسي دي، أستعيد القصائد والاداء المجلجل، ناقوس الثورة، اطال الله عمرك يا خال عبدالرحمن.