استشهد بي عبد اللطيف المناوي الرئيس الأسبق بقطاع الأخبار سواء في كتابه الذي صدر مؤخراً "الأيام الأخيرة لنظام مبارك 18 يوم" أو في حديثه مع الإعلامي الكبير عادل حمودة علي بعض المواقف التي كنت شاهداً عليها في ال 18 يوما من عمر الثورة. فقد وضعتني الظروف أن أكون شاهداً علي أحداث كثيرة حدثت منذ 25 يناير إلي 11 فبراير 2011 ما بين وزارة الإعلام ومبني اتحاد الاذاعة والتلفزيون وقصر العروبة ووزارة الداخلية .. رصدت الأحداث من زاويتي وشاهدت كيف تعامل النظام من رأسه مع أحداث لم يكن يتوقعها وتعامل معها بخفة وعدم إكتراث فأدت إلي تهاويه وخلعه. وقد استشهد بي عبد اللطيف المناوي بموقف كنت متواجداً ومشاركاً فيه وهو الإجتماع الذي شاركت فيه وكان يجمع بين أنس الفقي والمناوي وشخصي يوم 10 فبراير 2011 .. وكلاهما صديقان عزيزان .. أنس الفقي تزاملت معه أثناء الدراسة وامتدت صداقتنا منذ هذا الحين حتي أصبح وزيراً للإعلام. والمناوي زميل رحلة كفاح في الصحافة بدأناها معا منذ الثمانينيات وكنت شاهداً علي زواجه من الإعلامية رولا خرسا مرتين الأولي رسمية والثانية كانت عندما عقد الشيخ الشعراوي عقد قرانهما بمنزله بالحسين. أما الإجتماع الذي استشهد به عبد اللطيف المناوي قد بدأ منذ منتصف نهار يوم 10 فبراير 2011 .. وقتها استدعاني أنس الفقي بمكتبه وكنا بمفردنا وطلب مني تقييم ما يحدث وما عليه إتخاذه من إجراءات، ولم يكن عبد اللطيف المناوي قد حضر بعد وقتها .. قلت للفقي أن الرئيس مبارك قد أضاع العديد من الفرص التي كانت كفيلة بخروجه بشكل آمن من السلطة وأن يبعد عن مسرح حالة الفوضي التي كنا نعيش فيها في ذلك الوقت ولكنه للأسف كعادة مبارك ظل يفقد الفرص الواحدة تلو الأخري وكأنه علي عناد مع شعبه ومع نفسه وقلت له أن مبارك لابد أن يتحدث إلي الشعب اليوم الخميس ويعلن بشكل واضح عن تخليه عن السلطة وإسناد مهامه كرئيس للجمهورية لعمر سليمان وعليه أن يترك القاهرة فوراً وسألني الفقي وقتها "يتركها إلي أين؟" فأجبت علي الفور إلي شرم الشيخ أو ألمانيا وكانت هناك استعدادات لإستقبال مبارك في المستشفي الذي أجري به العملية الجراحية بألمانيا إلا أن الإجراءات الأمنية حالت دون سفره إلي هناك.. ومابين ماقلته وقتها أن عليه أن يكون الخطاب واضحاً وصريحاً ويحمل عدة قرارات سريعة من بينها ما طلبته مثل إلغاء قانون الطواريء وحل مجلسي الشعب والشوري. إستمر إجتماعي المنفرد مع الفقي قبل أن يدخل عبد اللطيف إلي المكتب بالدور التاسع بمبني التليفزيون وكان متجهماً وبعد السلامات نظر إليه الفقي وسأله عن الأخبار فأجاب بتوتر "الوضع سيء جداً وعلينا التصرف" .. وزاد أن علي مبارك أن يفعل شيئاً واستفاض في شرحه محذراً أن عدم رحيل مبارك اليوم قبل غد .. سيؤدي إلي كارثة. وقتها إتصل بي الدكتور حسام بدراوي لأكون شاهداً علي ما سيفعله في قصر العروبة حيث أبلغني بأنه سوف يطرح علي مبارك الرحيل وأرادني أن أكون شاهداً علي ذلك قبل لحظات من مواجهة مبارك .. وقتها استشعرت أن الجميع علي بوصلة واحدة وهي رحيل مبارك خاصة بعد أن اقتنع الفقي بما ذكرته له وأكده فيما بعد وأضاف إليه المناوي وطلب علي الفور هو الأخر مقابلة مبارك وإنطلق نحو قصر العروبة مشيعاً بكلمات لاتزال ترن في أذني قالها له عبد اللطيف "أستحلفك بكل الأديان أن يتحرك مبارك وينقذ البلد من كارثة وأن يعلو صوت الوطن علي المصلحة الشخصية". تأكدت وقتها أن حماس أنس في رحيل مبارك وكلام عبد اللطيف ورغبة حسام بدراوي بتنحي الرئيس وهو الموجود في القصر سوف يكون له تأثير كبير في إنقاذ الموقف ولكنها كما قلت من قبل أن مبارك صاحب جائزة الفرص الضائعة في حكمه دوماً وقد أطاح بكل هذه النصائح وخرج في الليل بخطاب وصفته للفقي عقب إذاعته بعد أن إتصل بي "أن مبارك يعيش في غيبوبة عن شعبه" فرد الفقي وقتها بأنه فعل كل ما يملك ولكنها هي إرادة مبارك وهي نفس الكلمة التي قد سمعتها من حسام بدراوي في نفس اليوم عندما غادر القصر غاضباً بعد ما استشعر بأن كل ما في القصر يعيش ضد التيار بما فيهم مبارك شخصياً.