إذا سألت عما سيكون عليه يوم الأربعاء الذي يوافق الذكري الأولي لانطلاق ثورة 52 يناير فسيقول لك واحد إن »مصر هاتولع«.. خلي بالك.. لا تنزل هذا اليوم من بيتك.. اعمل حسابك من الحرائق والضرب والقتل.. أما الثاني فسيقول لك أنا سأنزل للتحرير لنحتفل بالثورة.. موسيقي وأغاني وأعلاماً وعيداً سعيداً.. لا أحد يستطيع حتي الآن أن يتنبأ بما سيكون عليه يوم 52 يناير.. ولكن ناس كتير خايفة جداً.. وناس كتير متفائلة جداً.. وأنا لا أعرف هل أخاف أم أتفاءل.. عموماً سأقول لكم شعوري بعيداً عن الخوف أو التفاؤل. بعد غد ذكري انطلاق الثورة.. وبصراحة في مثل هذا اليوم منذ عام بالضبط لم يكن أحد يتوقع أنها ستكون ثورة.. مجرد شباب جمع بعضه من مواقع الانترنت ونظموا وقفة أصبحت مسيرة ثم تحولت إلي انتفاضة وانتهت إلي ثورة وأسفرت عن قلب النظام.. المدهش أن هؤلاء الشباب لم يحملوا سلاحاً.. والمدهش أكثر أنهم تحملوا الضرب والرش بالمياه في البداية.. ثم تحول الأمر إلي قنص في القلوب والرؤوس والعيون.. وقتل ودهس وسحل وهجوم بالخيول والجمال.. فراح منهم مئات الشهداء وآلاف المصابين. لكننا يجب أن نتذكر أن كل هذه التضحيات أسفرت عن رحيل نظام.. وانتقال الأسرة الحاكمة الأب والأم والابن إلي طرة والمستشفي وساحات المحاكم.. ورحيل كل أركان النظام في الطريق إلي المشنقة أو السجن.. وانهيار مؤسسات الديكتاتورية التي جاءت بانتخابات وهمية شكلية مزورة.. وأشياء أخري كثيرة لو عددناها لن ننتهي.. وحتي ان بقيت بعض الذيول في بعض المواقع.. إلا أن أيامهم لن تطول.. وسيكون مصير هذه الذيول مثل مصير الجسد.. قريباً. من هنا نسأل أنفسنا.. هل نحتفل بكل ما حققته الثورة.. أم نقيم الحداد علي شهدائها.. الذين يختارون الاحتفال بالطبع لا ينوون قتل حق الشهداء.. والذين يختارون الحداد بالطبع لا ينوون وأد مكاسب الثورة. أما أنا فأري أن نفعل الاثنين بمنتهي البساطة.. نحتفل بالثورة.. ونقف حداداً طاهراً علي أرواح الشهداء.. فالثورة لم تكن لتنجح إلا بدماء هؤلاء الشهداء.. وهؤلاء لم يكونوا شهداء إلا بنجاح الثورة.. الاثنان واحد.. والاقتصار علي الاحتفال دون الاعتراف بفضل الشهداء مرفوض.. والحزن والحداد دون الاعتراف بنجاح الثورة.. مرفوض أيضاً.