بعيدا عن طبيعة العلاقات الحميمة التي تربط رئيس الوزراء الايطالي بيرلسكوني باسرائيل الا ان علاقته بمصر وبالرئيس مبارك ومن واقع الروابط التاريخية والاجتماعية التي تربط الشعبين المصري والايطالي علي مدي سنوات طويلة.. تتسم بالقوة والدفء وروح الصداقة.. وكما هو معروف فقد كانت في مصر جالية ايطالية كبيرة عاشت ومارست حياتها علي أرض مصر واندمجت في مجتمعاتها.. والجانب الاكبر من هذه الجالية رحل بعد الثورة عائدا الي ايطاليا وان كان كثير من ابنائها قد ولد وتعلم في مصر. وقد فضل البعض من ابناء هذه الجالية البقاء والتوطن في مصر ومازالوا موجودين حتي الآن بيننا يمارسون حياتهم كمواطنين مصريين. من هنا فإن المناخ مهيأ تماما لفتح أبواب التعاون في كل المجالات مدعما بالعلاقة الشخصية المتينة التي أسسها الرئيس حسني مبارك مع القيادات السياسية الايطالية وفي مقدمتهم بيرلسكوني. ولعل ما ساهم في توطيد هذه العلاقة تلك الزيارات المتبادلة بين الرئيس مبارك ورئيس وزراء ايطاليا والتي تعد فرصة لطرح وجهات النظر المختلفة في جميع الشئون وبحث سبل دعم أواصر التعاون. ان ما تم توقيعه من اتفاقات خلال الزيارة التي قام بها الرئيس لروما خلال الايام الثلاثة الماضية وما تخللها من توقيع للعديد من الاتفاقات التي تعكس الإصرار علي تطوير هذه العلاقة لخدمة المصالح المشتركة. من الضروري هنا التأكيد علي إن هناك فرصة كبيرة جدا للاستفادة من التجربة الصناعية لايطاليا الدولة العضو في الاتحاد الاوروبي خاصة ان مقومات هذه التجربة تتناسب الي حد كبير مع ظروف مصر ومتطلبات التنمية الاقتصادية والصناعية. ان اهم ركائز هذه التجربة الايطالية اعتمادها علي التكنولوجيا المتوسطة التي يمكن ومن خلال الاتفاقات الموقعة نقلها بسهولة الي مصر وتدريب العمالة المصرية عليها من خلال برامج يتم الاتفاق عليها. من ناحية اخري فإن كثيرا من الاجهزة والآلات التي تجيد إيطاليا تصنيعها.. يمكن استخدامها في مصانعنا سواء لسد الانتاج المحلي أو للتصدير الخارجي، تمتاز هذه المنتجات بالجودة والاسعار المعقولة التي تناسب امكانياتنا المالية. وفي اطار الرغبة الايطالية في التعاون مع مصر فانه يمكن من خلال المؤسسات الاقتصادية الايطالية وكذلك التابعة للاتحاد الاوروبي تمويل هذه البرامج. وعندما نتحدث عن توسيع دائرة التعاون مع ايطاليا والذي لم يصل حتي الآن الي المستوي الذي من المفروض ان يكون عليه فانه لابد من الاشارة الي ان هناك جالية مصرية ليست بالقليلة موجودة حاليا في العديد من المدن الايطالية. ابناء هذه الجالية الذين يمارسون جميع الاعمال علي اتصال وثيق بالوطن وهم يمثلون حلقة ربط قوية بالمجتمع الايطالي. وايمانا بالدور الذي تقوم به هذه الجالية في مجتمع العمل في ايطاليا والبعيدة كل البعد عن اثارة المشاكل فقد كان هناك ترحيب من جانب السلطات الايطالية المسئولة باستقدام اعداد يتفق عليها من العمالة المصرية. مثل هذا الاتفاق يُعد أمرا طيبا يمكن بالتوسع فيه القضاء تماما علي عمليات الهجرة غير الشرعية التي ينظمها السماسرة وتؤدي الي ضياع ارواح الكثير من الشباب. وفي الجانب السياسي فان احدا لا يمكن ان ينكر الدور المؤثر لايطاليا في منظومة الاتحاد الاوروبي باعتبارها تمثل مع اليونان الركن الجنوبي لهذا الكيان. وعلي ضوء الازمة الناشئة حاليا مع دول حوض النيل فإنه يمكن استثمار العلاقة الخاصة التي تربط ايطاليا باثيوبيا التي كانت مستعمرة ايطالية لعدة سنوات وإحدي الدول الرئيسية في حوض النيل لتلطيف الاجواء وانهاء التوتر المتعلق باقامة مشروعات وسدود علي منابع النيل يمكن ان تؤثر علي كميات مياه النيل التي تستقبلها مصر. والشيء المهم في هذه القضية ان ايطاليا تقوم حاليا ووفقا لما تردد بتمويل وانشاء سد كبير في اثيوبيا.. ان تصريحات بيرلسكوني أكدت حرص بلاده علي الا تؤثر مثل هذه المشروعات علي المصالح المصرية التي تمثل تجسيدا ايجابيا لطبيعة العلاقة التي تربط ايطاليا بمصر. بقي ترجمة رصيد هذه العلاقة في خدمة متطلبات الاقتصاد الوطني.