اكتب برقية تهنئة لحزب الحرية والعدالة الحائز علي المركز الأول في انتخابات مجلس الشعب.. هذا السؤال ليس موجها اليك.. انه موجه لطلاب السنة الثانية الاعدادية في امتحان اللغة العربية بإحدي مدارس الشرقية.. والمطلوب ان يقوم طالب عمره 31 أو 41 سنة بكتابة البرقية.. ليتعلم في مثل هذه السن الاصول الراسخة للنفاق.. وهي الاصول التي تعلمها جيلي عندما طلب منه ان يكتب نفس البرقية ولكن موجهة الي الاتحاد الاشتراكي.. التي تعلمها جيل ابنائي عندما طلب منهم ايضا ان يكتبوا نفس البرقية الي الحزب الوطني صاحب الاغلبية الكاسحة. التعليم كما هو.. لم يتغير.. والنفاق كما هو لم يتغير ايضا.. والاستاذ لم يتغير.. أول ما يعلمه لتلاميذه هو ان يسجدوا ويركعوا للحاكم والسلطان والرئيس والمشير والمرشد.. واعتقد ان جدي قد طلب منه ان يكتب برقية للملك فؤاد.. وحفيدي سيطلب منه ان يكتبها لمن سيأتي بعد ذلك. الغريب ان طريقة السؤال واحدة.. لم تتغير هي الاخري.. بينما كنت اتصور ان يطلب من تلاميذ اليوم ان يكتبوا »اس. ام. اس« او رسالة علي علي البلاك بيري أو الفيس بوك.. فتلميذ اليوم لا يعرف معني البرقية او التلغراف.. خلاص بقي موضة قديمة جدا. بالطبع لم يطلب الحزب من واضع السؤال ان يضع هذه الصيغة في الامتحان.. المدرسون يقومون بهذا تطوعا.. وحسنا فعل محافظ الشرقية بأن اوقف سحر وسوسن وسعيد المدرسين الثلاثة الذين وضعوا هذا السؤال وخصم من مرتباتهم خمسة ايام وثلاثة ايام ويومين بالترتيب وكنت اتمني لو كان الخصم اكبر حتي يكونوا عبرة لغيرهم.. وان يعلمهم درسا بأن ثورة شعبية قد قامت ضد الدكتاتورية وحكم الفرد الذي يجب ان نقدسه ونجعل منه الفرعون الاله.. وانتظر من حزب الحرية والعدالة ان يبادر بتوبيخ المدرسين الذين تطوعوا لنفاقهم وتعليم تلاميذهم اصول النفاق.. الحرية والعدالة حزب حصل علي الاكثرية في انتخابات اقبل عليها الشعب كما لم يقبل علي انتخابات قبلها.. واعتقد انه ليس في حاجة الي من ينافقه.. الحزب.. ونحن ايضا نحتاج جيلا جديدا من الشباب الذين لا يعرفون النفاق.