في مثل هذا اليوم من العام الماضي، كانت كل الاحوال تسير في بلدنا مصر علي ماهو عليه منذ أكثر من ثلاثين عاما، الا من بعض التغييرات التي تطرأ علي كل شيء في الدنيا. في مثل هذا اليوم من العام الماضي، خرج ملايين المصريين في الصباح إلي أعمالهم، فوصلوا إليها وقد قاربت الشمس ان تتعامد فوق رؤوس الجميع، فذهب نصف النهار في المواصلات.. السيارات متراصة بشكل غير منتظم في كل شوارع القاهرة.. إنه زحام الفوضي وعدم تطبيق القانون علي الجميع. في مثل هذا اليوم من العام الماضي، وقف طابور غير منتظم ايضا لأننا لم نتعود علي ذلك، أمام فرن يبيع رغيف العيش بخمسة قروش.. الطابور يصل طوله إلي نصف كيلو متر.. الكل يصيح ويتشابك مع بعض، باللسان أو بالأيدي (وقد يصل لحد القتل) لينال حصة أكبر.. صاحب الفرن قرر الا يمنح كل واقف في الطابور إلا بجنيه واحد.. هكذا وضع صاحب الفرن لنفسه وللواقفين قانونا.. ولا يملك أحد منهم إلا الطاعة. في مثل هذا اليوم من العام الماضي، وقف طابور آخر أكثر انتظاما (قليلا)، وأقل عددا، أمام اكثر من وزارة وهيئة ومؤسسة أعلنت عن وظائف خالية.. الطابور منتظم والعدد أقل بسبب تحديد عدد الذين سيحصلون علي استمارة.. والكل عليه طاعة الأوامر. الحكومة علمت اللي عليها وأعلنت عن وظائف خالية والله أعلم من سيملؤها؟ في مثل هذا اليوم من العام الماضي، خرج من تحت كل كوبري في مصر أعداد هائلة من الأطفال والصبية والشباب جمعهم سبب واحد، وهدف واحد. خرجوا جيشا، كل وحدة منهم اتجهت الي مكان، ثم بدأت عمليات التسول، والنشل، وعمليات بيع وشراء البشر. وفي الاتجاه الآخر نزلت اعداد هائلة من ساكني العشوائيات التي تحيط مصر المحروسة.. خرجوا لنفس الهدف.. إلا أن بعضهم عرف طريقا الي بعض الورش التي تستعبد هؤلاء الصبية. في مثل هذا اليوم من العام الماضي، اكتظت الاتوبيسات بالبشر.. تدلي بعضهم من الباب، وخرجت الاذرع والرؤوس من الشبابيك.. أما الهدف فهو إنهاء مصالحهم أو الذهاب لأعمالهم.. والله وحده يعلم كيف يمر يومهم؟ في مثل هذا اليوم من العام الماضي، كانت اقسام الشرطة ومديريات الأمن علي مستوي الجمهورية يعاني من يدخلها من الاهانة أو الضرب أو الاحتجاز، حتي يظهر له صاحب.. فإذا كان صاحبه ذا نفوذ نجا بنفسه.. وإن لم يكن فعليه أن ينصرف باحترام، أو أن يتعرض للكثير.. إنه مثال صارخ للتهاون في تطبيق القانون علي الجميع. في مثل هذا اليوم من العام الماضي، كانت تعاني بعض الجماعات والقوي السياسية كثيراً من الملاحقة الأمنية، والاعتقالات، والضغط بكل قوة علي أعضائها حتي خرج منهم من خرج، ولم يعد. في مثل هذا اليوم من العام الماضي حدثت حالات شجار قد تصل الي الآلاف داخل الاف البيوت المصرية بسبب مصروف البيت، الذي لا يكفي إلا عشرة أيام..حدثت ايضاً حالات طلاق لنفس السبب. حدثت ايضا حالات اغتصاب وتحرش جنسي واختطاف أطفال وطلب فدية. كل ما حدث كان مخاضا.. صحيح أنه طويل لكن أخيراً حدث الميلاد. في هذا اليوم من العام الحالي ينتظر المصريون جميعاً نجاح ثورتهم.. الكل يعلم ان الحال لم يتغير كثيراً، وربما كان أسوأ لكن.. الكل لديه الهمة، والعزيمة، وروح تصرخ بأن نعمل حتي نحقق امانينا. عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية