مازلنا مع الدراسة الطويلة 177 صفحة التي كتبها، من داخل السجن في التسعينيات، اثنان من قيادات الجماعة الإسلامية هما: علي محمد علي الشريف، وأسامة إبراهيم حافظ، وراجعها 6 آخرون هم: كرم محمد زهدي، ومحمد عصام دربالة، وناجح إبراهيم، وفؤاد الدواليبي، وحمدي عبدالرحمن عبدالعظيم، وعاصم عبدالماجد، بهدف تصحيح الكثير من الأخطاء والمخالفات الشرعية التي نسبت إلي من عينوا أنفسهم منفذين لفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. تقول الدراسة إن كثيراً ما يجيء البعض زاعماً وجود منكر في أحد البيوت كواقعة زنا مثلاً فيذهب بعض الشباب بناء علي هذه المعلومة فيختبئون حتي يدخل رجل أو غيره هذا البيت ثم يقتحمون الشقة، ويشهرون بمن فيه بعد ضربهم ضرباً مبرحاً (..). أصحاب الدراسة من قيادات الجماعة الإسلامية رفضوا هذا النهج، واعتبروه من المخالفات الشرعية. واستندوا في رفضهم إلي عدة أسباب، أولها: لا يجوز تصديق شخص منفرد مجهول في دعواه، إذ كثيراً ما يكون كاذباً يريد إيذاء بريء. وثانيا: لا يجوز البحث عن المنكر والتجسس لضبطه، إذ إن التجسس محظور، وفيه يقول الإمام الغزالي: فكل من ستر معصية في داره وأغلق بابه لا يجوز أن يُتجسس عليه. وثالثا: لا يجوز اقتحام البيوت علي منكر مستور، وحتي في حال ثبوت المنكر بالفعل، فإن التشهير بصاحب المنكر خطأ، ويلزم الستر عليه. ورابعاً: لا يجوز ضرب صاحب المنكر، وإن كان ذلك المنكر صحيحاً، فالضرب هنا تعزير لا يجوز للأفراد، وإنما تقوم به السلطات المختصة. واقتحام الشقق وضرب من بداخلها، ليس الأكثر بشاعة فيما يقوم به هذا البعض من الشباب. فهناك الأبشع والأفزع نقلاً عن الدراسة القديمة، التي أعادت الزميلة »اليوم السابع« نشرها منذ أيام بمناسبة ما قيل، وأعلن، عن تأسيس هيئة الأمر المعروف والنهي عن المنكر في مصرنا المحروسة. فمثلاً.. بين الحين والحين نسمع، أو نقرأ في صحفنا أن مجهولا قام برش فتاة تسير في الطريق بماء النار ثم سارع مبتعداً بدراجته البخارية! الدراسة توقفت أمام هذه الجريمة البشعة التي شوهت وجوه وأيادي الكثير من المصريات البريئات وقالت: [إن رش ماء النار علي المتبرجات بدعوي أنهن قائمات علي منكر هو من أبشع المخالفات، ولا يمت بأي صلة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]. وأضافت الدراسة قائلة: [إن عقاب المنكر لم يكن أبدا من وظيفة المحتسب، وإنما ذلك دور المؤسسات المعنية من قبل السلطات (..) فضلا عن أن هذا التصرف البشع لا يتناسب أبداً مع حجم الخطأ المرتكب، فالمنكر هنا قوبل بمنكر أبشع منه]. ومن اقتحام البيوت وضرب من بداخلها، وحرق وتشويه النساء غير المتحجبات بماء النار تنقلنا الدراسة إلي قيام البعض بحرق محلات شرائط الأغاني وفيديوهاتها بزعم وجود شرائط مخالفة للشريعة الإسلامية. ويعلق كتاب الدراسة ومراجعوها من قيادات الجماعة الإسلامية علي ذلك بقولهم: [حتي مع فرضية وجود تلك الشرائط المخلّة فإن الجماعة ترفضها استناداً، إلي وجود عدة مخالفات: أولها أن المحل به شرائط بها أشياء مشروعة وأخري غير مشروعة، فلا يجوز أن يتعدي إزالة المنكر إلي الإضرار بما هو ليس بمنكر (..). وثانيا: إن من أشعل النيران في المحل، لم يتدرج في درجات التغيير من تعريف فضلا عن أن ضرر الحرق قد يتجاوز المحل، ويعمم علي جيرانه.. وهو ما لا يجوز]. .. وللحديث بقية.