اتهم الفقيه الدستوري المستشار طارق البشري الرئيس السابق حسني مبارك بأنه عمد إلي شخصنة الدولة فكان السبب في تفكيكها، وإضعافها بعدم السماح بوجود معارضين له، وقارن بينه وبين عبد الناصر الذي كان يجد من يراجعه في القرارات التي يتخذها مثل عبد الحكيم عامر. وعرّف البشري الثورة بأنها السلطة وأضاف: إذا قامت ثورة يجب ان تتغير علي اثرها السلطة وهو ما يعني أن يتولي الحكم فيها قوي شعبية لها تنظيم تستطيع ان تدير شئون البلاد في هذه المرحلة، او جزء من السلطة لم يسقط بعد، وهو ما جعل الجيش المبعد عن السياسة في عهد مبارك يتولي مقاليد الحكم باعتباره المؤسسة الوحيدة التي تمتلك قدرة تنظيمية وتستطيع الامساك بالسلطة، وهو ما جعل المجلس العسكري يدير شئون البلاد بقوة الأمر الواقع. ولفت البشري في الندوة التي عقدت مساء أمس بمقر فريق بداية للتنمية البشرية في المعادي إلي أن أعضاء المجلس العسكري وصلوا جميعا إلي طموحهم المهني وهو ما يؤكد عدم رغبتهم في الاستئثار بالحكم، أو طمعهم في البقاء بالسلطة، علي عكس الضباط الأحرار الذين كانوا من محترفي السياسة وأضاف بأن شباب التحرير الذين افتقروا إلي التنظيم وصياغة مطالب محددة لثورتهم لم يتمكنوا من الوصول إلي أهدافهم وهو ما يجعلنا نلتفت إلي المليونية التي جاءت في 18 نوفمبر محددة بهدف اسقاط وثيقة السلمي فحققت مطلبها. وقال إن ثورة يناير نجحت في تحقيق ثلاثة أهداف: سقوط مبارك، وإبعاد النفوذ السياسي لجهاز الشرطة. والإطاحة بعدد من رجال الأعمال في حكومة الوطني الذي لا ينتمي للحزب الوطني الذي أسسه مصطفي كامل وقال إن الفرق بين الإثنين كالفرق بين الهرم وكازينو الهرم! أحصي البشري خمس ثورات قامت في مصر علي مدار 200 عام، وهو ما يعني قيام ثورة كل 40 عاما، الأمر الذي ينفي فكرة الاستكانة والهدوء التي تلتصق بالشعب المصري، معتبرا تولية محمد علي لمقاليد الأمور في مصر أول هذه الثورات، تليها ثورة 19 وثورة عرابي، وثورة يوليو، وأخيرا ثورة يناير. وأضاف بأن ثورة 19 هي الوحيدة التي لم يتدخل فيها الجيش الذي كان وقتها في السودان، بينما اتفقت كل الثورات علي مبدأ السلمية. وحدد البشري مهمتين رئيسيتين علي الدولة أن تضعهما في أولوية اهتمامها: عودة الكفاءة الإدارية لأجهزة الدولة وتحصينها ضد أمراض الاستبداد والشخصنة، بالتوازي مع إعادة التعليم الحكومي إلي سابق، وتقوية منظمات الشعب وتكوين احزاب ونقابات مستقلة وجمعيات واتحادات عمال وفلاحين تكون خارج سلطة جهاز الدولة حتي تستطيع ان تقف امامه وتمنع استبداده؛ وأشار إلي أن الانتخابات البرلمانية التي تجري بطريقة ديموقراطية تمهد لنقل السلطة بعد ثلاثة أسابيع، وفي اجابته عن سؤال حول التعديلات الدستورية وما صاحبها من احداث قال: بعد تنحي الرئيس وسقوط السلطة التشريعية فقدت مصر المؤسسات السياسية بها واصبح الدستور معطلا فكان لابد من عمل هذه التعديلات حتي يقوم علي اساسها السلطة التشريعية من جديد وهو ما جعل مصر الآن تعيش بقلب صناعي، وأضاف: لو عاد الأمر من جديد لفعلت ما فعلت. وشدد المستشار البشري علي ان انتخابات الرئاسة يجب ان تجري قبل وضع الدستور الجديد، وفقا لاسباب قانونية هي إتمام تعديل الشروط الخاصة برئيس الجمهورية وانتخاباته والاحكام المتعلقة بالوقت المحدد له في الرئاسة وصلاحياته وغير ذلك، وتساءل: كيف يمكن ان يصدر تشريع دون تطبيقه؟.. ويجيب: هذا يعد خطأ قانونيا فادحا يجب عدم الوقوع فيه، أما الاسباب السياسية وهي ان المشروع الدستوري الصادرة أحكامه باستفتاء شعبي قد حرص أن تجري انتخابات رئيس الجمهورية في ذات الفترة الانتقالية التي يوضع في أثنائها الدستور الجديد، لتكون كلتا المؤسستين السياسيتين التشريعية والتنفيذية مشكلتين تشكيلا ديمقراطيا ونيابيا كاملا أثناء فترة وضع هذا الدستور، لذلك فان كثرة الحديث عن الدستور اولا ام انتخابات الرئاسة ليس له اي سند قانوني او سياسي، ولا يجوز الاختلاف عليه او حتي الجدل حوله، ولا يصلح ان تكون مسار حديث في كل وسائل الاعلام، واشار الي ان نقل السلطة في الظروف الحالية مطلوب علي وجه السرعة وهو الأمر الذي لكن لا يتعارض مع محاكمة رموز النظام السابق الفاسد.