محافظ المنيا يوجه باستغلال الفصول الدراسية لمواجهة الكثافة الطلابية    أسعار الفاكهة اليوم الإثنين 11 أغسطس في سوق العبور للجملة    تراجع أسعار الذهب اليوم الاثنين 11 أغسطس في بداية التعاملات    أسعار مواد البناء اليوم الإثنين 11 أغسطس 2025    «الدوما»: قادة أوروبا يستحقون الشفقة وهم يحاولون اللحاق بالقاطرة الروسية الأمريكية    دولة واحدة دافعت عنها.. انتقادات حادة لإسرائيل خلال اجتماع مجلس الأمن    هدية قطر لترامب تثير الجدل من جديد.. شكوك حول موعد تسليم الطائرة الرئاسية    جيش الاحتلال الإسرائيلي يرد على تغريدة محمد صلاح.. فماذا قال؟    حبس التيك توكر «نوجا تاتو» في اتهامها بنشر الفسق والفجور    السيطرة على حريق هائل بمحل دهانات في المنيا    لارا ترامب تتفاعل مع محمد رمضان على طريقتها    حظك اليوم الإثنين 11 أغسطس 2025 وتوقعات الأبراج    6 عادات يومية تؤثر على صحة عمودك الفقري.. احذر منها    بعد قرار جون إدوارد.. عبدالله السعيد يتدخل لحل أزمة نجم الزمالك (تفاصيل)    «بشهر أغسطس».. مباريات قوية تنتظر صلاح مع ليفربول في الدوري الإنجليزي    «حد فاهم حاجة».. الغندور يكشف مفاجأة بشأن رحيل كهربا عن الاتحاد الليبي    رابط نتيجة تنسيق المرحلة الثانية 2025 لطلاب الثانوية العامة.. أحدث بيان رسمي من مكتب التنسيق    زلزال بقوة 5.8 درجة يضرب سواحل المكسيك    أصعب 48 ساعة فى أغسطس.. إنذار جوى بشأن حالة الطقس: ذروة الموجة شديدة الحرارة    النيابة تنتدب المعمل الجنائى.. و«الحى»: كل الأكشاك غير مرخصة ويفترشون الأرصفة مقابل رسوم إشغال    فلسطين تطالب بتحرك عربى فعّال لمواجهة جرائم الاحتلال    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري بعد الهبوط العالمي الأخير.. قائمة ب10 بنوك    إجمالى إيرادات الفيلم فى 11 ليلة.. تصدر شباك التذاكرب«28» مليون جنيه    تعرف على القائمة الكاملة لفيلم سفاح التجمع    موسمُ الرياض سعوديًّا... وعقلٌ لا يعجبه العجب!    أمين الفتوى: لا مبرر للجوء إلى الحرام.. الله قدّر أرزاق العباد قبل خلقهم (فيديو)    جمال العدل: الزمالك هو الحياة.. ولا نية للترشح في الانتخابات المقبلة    لدعم صحة أعصابك.. أهم مصادر فيتامين B12 الطبيعية    بروتوكول المناعة الثقافية: وكيف نحصّن هوية أمتنا؟    بقوة 6.1 درجة.. مقتل شخص وإصابة 29 آخرين في زلزال غرب تركيا    محافظ الفيوم يكرم أوائل الثانوية والأزهرية والدبلومات الفنية    برشلونة يمطر شباك كومو في كأس خوان جامبر    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 11 أغسطس 2025 في القاهرة والمحافظات    هاني رمزي: ريبيرو يقلق جماهير الأهلي    يحسن وظائف الكبد ويخفض الكوليسترول بالدم، فوائد عصير الدوم    هتقعد معاكي لأطول مدة.. أفضل طريقة لحفظ الورقيات في الثلاجة    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل الصحفي أنس الشريف في غارة على غزة    ياسر ريان: مصطفى شوبير رتمه بطئ والدبيس أفضل من شكري    يوسف الحسيني: اجتماع الرئيس بقيادات الهئيات الإعلامية يفتح آفاقًا جديدة للإعلام    تكريم اسم الفنان لطفي لبيب والإعلامي عمرو الليثي بمهرجان إبداع للشباب- (25 صورة)    فرصة ذهبية لطلاب الإعدادية.. تخفيض الحد الأدنى للالتحاق بالثانوي بدمياط    الإسكندرية السينمائي يطلق استفتاء جماهيري لاختيار أفضل فيلم سياسي مصري    "تضامن سوهاج" تكرم 47 رائدة اجتماعية وتمنحهن شهادات تقدير    الشقق المغلقة تدفع 9 جنيهات.. تفاصيل خصومات شحن عدادات الكهرباء مسبقة الدفع 2025    المسلماني: الرئيس لا يريد شعبًا مغيبًا وجاهلًا (فيديو)    الداخلية تضبط طالبا يستعرض بدراجة بخارية    قرار هام بشأن البلوجر مونلي صديق سوزي الأردنية بتهمة نشر فديوهات خادشة    السيطرة على حريق داخل مخزن مواد غذائية فى الزيتون دون إصابات.. صور    استشهاد الصحفي أنس الشريف بقصف إسرائيلي في غزة.. هذا آخر ما كتبه على «فيسبوك»    «لا يجب التنكيل بالمخطئين».. المسلماني: الرئيس طلب الاستعانة بكل الكوادر الإعلامية    سعر السكر والأرز والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الإثنين 11 أغسطس 2025    94 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال تداولات جلسة بداية الأسبوع    أمين الفتوى: لا يجوز كتابة كل ما يملك الإنسان لبناته لأنه بذلك يعطل أحكام الميراث    أمين الفتوى يوضح: المال الموهوب من الأب في حياته لا يدخل في الميراث    حكم الدردشة مع صحابي بالموبايل في الحمام؟.. أمينة الفتوى تجيب    هل يجوز إجبار الزوجة على الإنفاق في منزل الزوجية؟.. أمينة الفتوى تجيب    الشوربجي يشكر الرئيس السيسي على زيادة بدل التدريب والتكنولوجيا للصحفيين    موعد إجازة المولد النبوى الشريف 2025 للقطاعين العام والخاص    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المستشار طارق البشري: خطاب مبارك في عيد العمال معناه الوحيد أن«يدالدولة على الزناد»
نشر في الدستور الأصلي يوم 14 - 05 - 2010

من مكانه كمراقب للحالة المصرية التي نعيشها الآن، يحلل المستشار طارق البشري المشهد، مستعيدا أوراقا من التاريخ تحاكي ما نحن فيه الآن، متمسكا بضرورة العمل السلمي ونبذ العنف من أجل السعي إلي التغيير حتي لو استخدم النظام العنف الشديد في محاولة أخيرة للدفاع عن وجوده في مكانه الأثير، وإذا كان يعتقد بأن الأزمة ليست في تعديل الدستور الآن، مدللا بأن تعديل الدستور عادة ما يأتي بعد الثورات والحركات الاجتماعية، فإنه يطالب في ذات الوقت بالضغط من أجل إلغاء حالة الطوارئ، والسماح بحرية التظاهر، معتبرا أن التعديلات الدستورية الأخيرة جعلت من رئيس الوزراء وليا للعهد لكنه منزوع الصلاحيات.. وإلي تفاصيل الحوار.
الحركة الشعبية الآن تواجه نظامًا آخذًا إلي الزوال لكنه يستخدم العنف،بينما دعوتكم هي العصيان المدني.. عنف وضرب أمام عصيان.. لمن النصر؟
- استخدام العنف هو الحل الجاهز.. استخدام عنف الدولة هو الحل السريع.. الدائرة الحاكمة ضيقة ومستمرة في ضيقها وتمسك بزمام المجتمع كله وتخنقه وتفكك جهاز الدولة..جهاز إدارة المجتمع بما فيه من مرافق تعليم وصحة ومشروعات أخري لا ترعي فقط إلا الأمن السياسي..أمن النظام والجماعة الحاكمة وبقاء الوضع كما هو ومنع أي تشكل للمعارضة ذات الفاعلية في التغير الواقعي لهذا الوضع.. وفي هذه الحالة يكون العنف إمكانية رادعة تتحقق تباعا مع ظهور خطر التحدي الشعبي بشرط أن يكون هذا التحدي معبرا عن نفسه بصورة حركية وتنظيمية.. والدولة إلي الآن تطيق المعارضة في الإطار الإعلامي والصحفي..تطيق أي تتحملها بضيق.. إنما ترقب بحذر شديد ويدها علي السلاح أن تتحول هذه المعارضة الكلامية إلي فعل واقعي.. وأن تتحول الحركات التي تجري في الغرف المغلقة إلي حركات تسير في الشارع.. يد الدولة علي الزناد وهي تعبر عن هذا حتي في خطاب الرئيس الأخير.. قال بوضوح إن هناك حدًا.
ونائب الرصاص جاء في هذا التصور؟
- نائب الرصاص نتاج للدولة..هو عبر باللسان عما مالا تريد الدولة إلا أن يكون تعبيرا بالفعل الساكت.. وتعودنا أن يجري الوضع القائم جميع سياساته بالفعل وليس بالقول علي مدي الثلاثين عاما الماضية.. فتمت تصفية القطاع العام دون أن تثور معركة حول بقائه أو عدمه..أحكمت القبضة الحديدية علي الشعب المصري..وعلي نقاباته المهنية بشكل أو بآخر بإجراءات معينة بالفعل وليس بالقول.. النظام ترك القول للمعارضة.. هو يفعل ما يريد والمعارضة تقول ما تريد.. ونائب الرصاص كان نغمة لا تسير علي نفس الخط وهذا يفسر الإدانة التي وجهت إليه من المجلس ونواب الحزب الوطني.
نعود إلي النظام الذي سيلجأ إلي العنف ودعوتك إلي مواجهة العنف بالعصيان
-الحركة الشعبية عبر التاريخ المصري عندما تواجه حكومة أو دولة لم تلجأ للعنف ولكن عن طريق المقاومة السلبية والعصيان وكان هذا دائمًا هو الفعل للحركات الشعبية للدفاع عن الصالح المصري والشأن العام.. علينا أن نتوقع أن هذا حتمي في مسار الأحداث.. علينا أن نتعقل في تصرفنا حتي لو ردوا بالعنف.. نحتمل العنف دون الرد عليه بمثله.. وأن يكون ذلك لله والوطن،وألا نحول جهاز إدارة الدولة إلي خصم لنا حتي يمكن تحييده بعد ذلك وهو في النهاية مكون من ناس من الناس وشعب من الشعب.. ليس العنف هو الوسيلة في مصر أبدا وليس هو الذي ينتج إنتاجا طيبا.
علي مدار التاريخ سنجد أن الحاسم هو امتلاك الحركة السلمية بشرط أن تكون شاملة وواسعة ومنتشرة وقادرة علي طول النفس واحتمال الضغوط والإصرار علي الموقف وهذا نملك إمكانياته..فقط نحتاج إلي قدرات تنظيمية وتحريكية.. وعندما يأتي اليوم الذي تمتنع فيه أجهزة القمع عن طاعة الأوامر سيكون هو يوم زوال النظام
هل نحن في هذه المرحلة؟
- موضوعيا وكمرحلة تاريخية نحن في قلب هذه المرحلة منذ 2005، ما ينقصنا هو مسائل ذاتية تتعلق بقدرات التنظيم والتحريك.. هذه الحركات الشعبية الاحتجاجية التلقائية لو أنها تجمعت في شهرين أو ثلاثة لأدت إلي نتائج كبيرة وحاسمة في تعديل الأوضاع القائمة.. البعثرة أضعفت وقللت من قوة هذه الحركات والحشد سيفعلها وهذا عنصر ذاتي.. نحن لانزال في المرحلة نفسها الاحتجاج الشعبي وبقدر إصرار حركة الاحتجاج الشعبي رغم العنف سيكون النجاح.
والثمن الغالي الذي يدفعه البعض من الاعتقال والتعذيب؟
- لابد أن ندفع الثمن وأزعم أن الحركة السلمية غير العنيفة تكون تضحياتها المادية اقل كثيرا مما لو لجأ صاحب المصلحة في تعديل الأوضاع إلي العنف.. علينا ألا نرد بالعنف.. ما أقصده بدعوتي للعصيان أن الاحتجاج سيكون حتميا وأن الرد سيكون بالعصيان السلمي والتحمل ليس فقط لتفادي العنف وإنما أيضا لأن هذا هو العنصر الفعال، ومصر لا تقبل صراعًا عنيفًا في قضاياها الداخلية.. واحتمال العنف معناه أنه لا جدوي..المسألة مسألة صراع إرادات. وإراداتي ستبقي رافضة ومصممة.
دائما ما تتحدث عما تسميه شخصنة الدولة.. ما الذي تقصده بذلك المصطلح؟
- الدولة المشخصنة ليست مجرد دولة الحكم المطلق وليست مجرد دولة الاستبداد فالحكم المطلق والمستبد قد يكون حكم جماعة ضيقة مثل حكم الأسرة السعودية.. أو حكم طبقة كالطبقة الرأسمالية العليا.. أو حكم طائفة.. وكل هذه الأنواع من الحكومات المطلقة أو المستبدة يشعر الحاكم فيها بأنه ينتمي إلي تكوين اجتماعي محدد بوجود مستقل عن الدولة.. أما الدولة المتشخصنة فان القائم عليها لاتربطه عائلة قبلية ولا جماعة دينية ولا حزب سياسي أو طبقة اجتماعية وإنما يسيطر بذاته علي مفاتيح السلطة وتصير آلة الحكم وأجهزته كلها تحت إمرته وهو يتغلب علي ضغط عمال الدولة عليه بأن يشخصن الفئة المحيطة به بإبقائهم في وظائفهم أطول مدة ممكنة بحيث تحل العلاقات الشخصية محل علاقات العمل الموضوعية والمهم أنه لا يقوم من خارج إطار أجهزة الحكم ما يكون ذا تأثير عليه ولا تقوم آلية للتبادل والتأثير معه وهي خارج إطار السلطة..الدولة هنا تكون منغلقة من دون آلية لعلاقة بينها وبين أي قبيلة أو طبقة أو دين أو طائفة..لذلك قلت إنه نظام لا نجد له مثيلا اللهم ما ندر، وأي تعديل أو تبديل فيه يتم بطريقة الاستنساخ السياسي وهو حالة من حالات الاستبقاء بأي ثمن وأي مقابل والنكوص عن الحركة المواكبة لما نطرح من أهداف فيه استدامة لأوضاع الشخصنة وبقاؤها من شأنه انهيار قوائم النظام الحضاري الذي تقوم عليه الدولة لذلك فإن الفعل حتمي للخروج من الطريق المسدود وحالة الاختناق الحاصلة.
هل تستطيع أن تتوقع المستقبل السياسي القريب في إطار حركات التغيير التي تموج بها مصر الآن؟
- لدينا أزمة حكم علي مدي السنوات الماضية..المحللون السياسيون يعرفونها بأن الحكومة لا تعرف كيف تحكم ولا تعرف كيف تدير هذا المجتمع الذي أصبح - بمشاكله وأزماته- يخرج عن إطار إمكانياتها وقدراتها والمعارضة لا تعرف كيف تصل إلي الحكم وفي هذا الوضع يصعب التنبؤ..الموازين غير دالة علي المسار في الفترة المقبلة.
أما إذا كنت تتحدثين عن إمكانية التغيير من داخل جهاز الدولة فلا أدري موازين القوة فيه وعليه فليس لدي تيقن في إمكانية التغيير داخله.
هل تعتقد بأن تغيير الدستور يمكن أن يحل جزءا مما نعانيه الآن؟
- في تقديري إن إعادة صياغة الدستور ليس هو المطلب الأساسي..الدستور يأتي وفقا لموازين قوي تحققت في المجتمع.
دستور 23 جاء بعد ثورة 1919 وليس قبلها وعكس موازين القوة التي أسفر ت عنها الثورة بين القوي الوطنية وقوة الدولة وقوة الإنجليز..ودساتير ثورة يوليو كلها مؤقتة ونظم مؤقتة حتي صدر الدستور المعبر عنها 1956 ليكون المعبر عنها بعد قيامها بأربع سنوات، حتي فكرة تعديل الدستور من أجل الترشح في الانتخابات الرئاسية يجب أن تأتي لكن بعد بلورة الحركة وتنظيمها.
لكن هناك أسماء مرشحة للرئاسة من قبل المعارضة؟
- يجب ألا نواجه شخصنة الدولة بشخصنة المعارضة وإنما نواجهها بحركة شعبية قوية متبلورة ومنظمة وتتاح لها إمكانيات التنظيم الحركي والفاعلية الواقعية..وأتصور أننا في هذا الظرف التاريخي المناسب لو أطلقت حرية الأحزاب وحق التظاهر والاعتصام السلمي ستتبلور تنظيمية هذه الحركة بأسرع مما نتوقع وسيخرج منها قياداتها لأن قيادات أي حركة لا تفرض من خارجها وإنما من تشكيلاتها الذاتية.
ما رأيك في الجمعية الوطنية للتغيير؟
- أغلب الحادث فيما أتصور هو ظاهرة إعلامية أكثر منها تنظيمية محركة..الحركة الحاصلة العنصر الإعلامي فيها أقوي من التنظيمي والحركي بدليل هذا الانفصال الواضح بين حركة المعارضة السياسية وحركات الاحتجاج الشعبي التلقائي التي تجري علي مدي خمس سنوات وبينها جدار عازل وغلق معابر.
وظهور الدكتور البرادعي في هذا الظرف؟
- هو يعبر عن الظرف الموضوعي والظرف الذاتي وأتصور أن الظرف الموضوعي أن هناك أزمة سياسية في مصر تحتاج إلي تحرك. هذه موجودة وقد تفلت منا إذا لم نستطع أن نتأهل لها بقدرات تنظيمية وتحريكية واسعة.. المشكلة هو هذا التشكل التنظيمي الذي يقدر أن يقود حركة الشعب علي مستوي يتلاءم مع أهمية وخطورة المهمة.. الأمر ليس أمر اختيار زعامات ولا اختيار الصالحين من الأفراد لعمل معين.. الأمر أشق من ذلك وأكثر خطورة.. جميع الأسماء الموجودة في الجمعية الوطنية أثبتوا أنفسهم في مواقعهم المهنية إنما كعمل سياسي يجمع جماهير وينظمها ويستطيع تحريكها.. لم تظهر هذه الإمكانية بعد وهي ما نحتاج إليه أكثر من أي شيء آخر.
ما الخطوة المطلوبة في رأيك؟
- المهمة المطلوبة الآن هي السعي الحثيث لعمل سياسي يجمع الجماهير وينظمها ويستطيع أن يحركها لا إلي تحسين ظروف الانتخابات كهدف وحيد..ولكن السعي لتهيئة المناخ الذي يمكن من الحراك الشعبي الواسع الآمن بما يمكن من زيادة القدرات التنظيمية والحركية في المستقبل وإذا لم تتم إجراءات حقيقية في إلغاء حالة الطوارئ وحرية التنظيم الحزبي والتظاهر والاعتصام السلمي المشروع فليقاطعوا الانتخابات.
تقول دائما الأنظمة السياسية في أيامها الأخيرة تعمد إلي اقتلاع أعمدة من البنية الأساسية للدولة لتضرب بها.. هل دخلنا هذه المرحلة؟
- النظام في خضم دفاعه عن نفسه في أيامه الأخيرة قد يلجأ إلي عمل كبير حتي يغير به مسار حركة شعبية.. حدث هذا في حريق القاهرة في نهاية حكم فاروق وفعلها هتلر بحريق المجلس النيابي ليضرب خصومه.. لكن النظام في الخارج أضعف من أن يقدم علي فعل يجذب الانتباه وأرجو ألا يحدث في الداخل ما يجذب الانتباه.
هل يمكن إذن خلق معارك حامية وصاخبة في جهات أخري؟
- عندما تم إبرام معاهدة الصلح بين مصر وإسرائيل أرادت السياسة المصرية الأمريكية أن تخلق عدوا لمصر بديلا عن إسرائيل فكانت ليبيا هي البديل وانقطعت العلاقات المصرية الليبية لسنوات وانتقلت مراكز ثقل سياسية وعسكرية وثكنات إلي حدود مصر الغربية والآن يتم نقل الصراع في المشرق بدل الغرب وإسرائيل إلي صراع مع إيران.
وأذكر ما حدث باسم حوار الأديان حين جلس ملك السعودية ورئيس إسرائيل في لقاء لاتقل دلالاته السياسية عن زيارة السادات لإسرائيل فكان لابد من صرف الانتباه والتغطية علي الحدث بخلق معركة حامية في جهة أخري برعاية شخصيات كبيرة لها حضور إعلامي فظهرت معركة الفتنة بين السنة والشيعة.
يدور حديث من وقت لآخر حول تعيين نائب للرئيس وقد فوض الرئيس أثناء مرضه رئيس الوزراء لعدم وجود نائب.. كيف تري هذه النقطة؟
- التعديلات الدستورية التي جرت في 2007 جعلت رئيس الوزراء هو ولي العهد ولذا كان من الطبيعي أن يفوض رئيس الجمهورية رئيس الوزراء للقيام بمهامه أثناء إجراء الرئيس للجراحة، ولكن رغم التفويض أسقطت ولاية العهد عن رئيس الوزراء وأصبح التعديل كأنه لم يكن.. لماذا؟ لأن الوزارة التي يتولي نظيف رئاستها عبارة عن مجموعة اقتصادية زائد بعض الوزراء لإدارة الخدمات، بينما الوزارات السيادية كالخارجية والداخلية والجيش لا علاقة لرئيس الوزراء بها، والاتصال المباشر للمسئولين فيها يكون مع رئيس الجمهورية.
قلت من قبل إنه يجب النظر لمصر باعتبارها بلدا محتلا.. وقلت إنك تكرر وتكرر هذا القول حتي لا تصرخ.. هل مازلت متمسكا بذلك؟
- أكرر وأصرخ.. مصر بلد محتل.. لأنه ما الغاية من الاحتلال العسكري؟.. الغاية هي كسر الإرادة الوطنية وتحريك سياساتها وفقا لمصالح وإرادة الدولة التي احتلتها بجيشها.. وفق هذا المعيار فالمسألة ليست مسألة وجود عسكري أو عدمه وإنما تأثير هذا الوجود في الإرادة السياسية للبلد ولذلك نجد أن كوبا بلدا مستقل رغم وجود قاعدة جوانتانامو الأمريكية المقتطعة من أراضي كوبا لكن ليس لها أي تأثير علي الإرادة الوطنية لكوبا في إدارة شئونها.. ورغم أننا لا نعرف وجود قواعد أو تسهيلات أجنبية في مصر إلا أن الإرادة السياسية محاطة بضغوط الخارج علينا.. ومحتمل أن تقل الضغوط بتراخي الأمل في التوريث ولكن لا نأمن مكر الماكرين.
وأنا أكرر وأصرخ أمريكا الآن بصدد تكسير للإرادة المصرية.. تريد إفناء الإرادة المصرية.. إفناء مصر كقوة سياسية.. الاحتلال الإنجليزي كان يستخدم مصر لصالحه لكنه لم يلجأ لتفكيك جهاز إدارة الدولة.. أما الأمريكان فيريدون له التفكيك وعدم الفاعلية بضرب القوة الصناعية لمصر وإضعافها.. وعدم المحافظة علي الرقعة الزراعية في مصر وما يثار الآن من جدل حول مياه النيل.. وهذه الضغوط لم نتعرض لها من قبل.. وحتي ما حدث من ضغط إبان ثورة 1919 عندما حاول الإنجليز ممارسة ضغط من هذا النوع حين كان سد أسوان ينظم مياه الري علي مدار العام ولكن طاقته لا تسمح بتخزين المياه عبر الأعوام فأثيرت إمكانية بناء عدد من السدود في السودان للتحكم في مورد المياه المؤثر في المواسم الزراعية.. وأخرجتنا اتفاقية 1929 من هذا المأزق..ثم أتي السد العالي الذي كان جزءا من دعم الأمن القومي المصري من ناحية المياه وليس زيادة الرقعة المحصولية وتوليد الكهرباء فقط.
أما الآن فالإرادة الإسرائيلية الأمريكية إرادة مندمجة وتقوم بعملية تكسير عظام للإرادة المصرية.
ولكن وزير الخارجية المصري وصف إسرائيل مؤخرا بالعدو؟
- وهذا تعبير أسعدني واستخدامه من شأنه أن يسعدني لأن الوضع الطبيعي لمصر أن تشعر أن إسرائيل هي العدو ومصدر التهديد الأساسي وقضية مصر دائما كانت المحافظة علي أمنها القومي في مواجهة العدو القابع عند حدودها الشمالية الشرقية وأدركت مصر هذا الخطر في الثلاثينيات قبل قيام دولة إسرائيل.. وكون وزير الخارجية يقول إسرائيل عدو فهذا يسعدني ولكن الحاصل أن وزير الخارجية أعاد التفسير وقال أنه يقصد أن إسرائيل عدو للبنان ولعله قصد بذلك الخروج من المأزق فمصر خاضعة لمعاهدة الاعتراف بإسرائيل منذ 1979.
في كل الأحوال نتمني للسياسة المصرية أن تعود من جديد إلي إدراك هذه الحقيقة وأن نلحظ ذلك في سياساتها العملية وتصريحاتها العلنية.. كما الاهتمام بالأمن اللبناني والسوري أيضا اتجاه يسعدني باعتباره جزءا من أمن مصر وهو اتجاه أساسي في السياسة الخارجية العربية والمصرية من قبل ثورة يوليو والعودة إليه ولو بحياء أمر نرقيه بشغف.
الرئيس ظل لفترة طويلة في شرم الشيخ وكتبتم من قبل «هذه إمارة شرم الشيخ.. فأين دولة مصر»؟ صحيح أين مصر؟
- نحن نحكم من شرم الشيخ والرئيس حول شرم الشيخ إلي عاصمة يقيم فيها اغلب شهور السنة ويعقد فيها القمم والمؤتمرات وعندما عقد مؤتمر القمة الأفريقي في مصر عقد في شرم الشيخ وهي مدينة تقع في آسيا والمؤتمر قمة إفريقي!
وجزء من التمويل الأساسي الذي تعتمد عليه السياسة المصرية هو البترول والغاز ودخل القناة وعوائد المصريين بالخارج والسياحة.. والهم الأكبر هو سياحة البحر الأحمر وسيناء وليس سياحة الآثار.. ويتكون في مصر نوع من أنواع الدولة الريعية والسياسات المصرية تتحرك في هذا الطابع الريعي وليس الإنتاجي وصار الوادي بعيدا عن اهتمام المسئولين.. أقصد الوادي من الإسكندرية إلي بور سعيد شمالا حتي أسوان جنوبا وسياستنا، وشرم الشيخ هذه التي تدير مصر لا يوجد بها أمن أو جنود مصريون بموجب نص معاهدة السلام.. والحال الآن يذكرني بوضع السلطان محمد وحيد الدين آخر سلاطين الدولة العثمانية بعد الحرب العالمية الأولي الذي كانت إقامته في اسطنبول بعيدا عن الأناضول فلما جاء أتاتورك نقل العاصمة إلي أنقرة في وسط الأناضول.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.