صحيح ان نقابة الصحفيين أصدرت عدة بيانات بعد عدد من الاجتماعات استنكرت خلالها الهجمة التي قام بها البعض ضد الصحافة والاعلام، متهمين إياهم بإثارة الشعب ضد الشرطة والجيش، واثارة وتحريض بعض الطوائف ضد الآخر. وحقيقي ان عددا من الصحفيين والمصورين تعرضوا لاعتداءات عديدة، واصابات كثيرة منذ بدء احداث ماسبيرو، ومحمد محمود ومجلس الوزراء وشارع قصر العيني، وحرق المجمع العلمي، وتم استهدافهم من قبل رجال الشرطة أو الشرطة العسكرية.. وحدث ايضا ان وصلت تهديدات عديدة لعدد من الاعلاميين، ونظموا وقفة احتجاجية امام نقابة الصحفيين، معلنين رفضهم ارهاب الاعلام والاعلاميين علي يد اعداء الثورة. نعم كل ذلك حدث، ولكن هل حقيقي الاعلام المصري بريء تماما من عمليات الاثارة والتحريض، وتهييج الرأي العام ضد المجلس العسكري، والشرطة أو العكس؟ وحتي لا نخلط الأوراق.. لابد لنا ان نفرق بين الصحافة وشاشات التليفزيون والفضائيات، فإن الواقع الملموس الذي لا يمكن انكاره »مع أننا محسوبين علي الاعلام المصري« هو ان هناك بعض الصحف تقوم بمهمة الاثارة والتحريض، تنتقي »متعمدة« الصور المثيرة للمشاعر والاخبار الناقصة، والمقالات المحرضة بالطريق المباشر وغير المباشر. لكن المواطن المصري الذي يمثل الغالبية العظمي في مصر لم يعد من قراء الصحف كما كان واصبح مصدر الاخبار والمعلومات لديه هو الفضائيات عبر شاشات التليفزيون، أو مواقع الانترنت. فضائياتنا تنقل الآن الحديث بالصوت والصورة والتعليق والضيوف »حتي المذيع صاحب وجهة النظر لابد وان يبثها عبر الشاشة للمشاهد لو لم يكن لديه ضيف يؤيده. لم تعد الفضائيات تنقل وجهات النظر المختلفة وتقف علي الحياد، وتعرض الرأي والرأي الآخر وتترك للمشاهد تكوين رأي، بل اصبحت توجه المشاهد بآرائها ووجهة نظر صاحب القناة أو المعد أو المذيع، وان استطاعت أتت بضيف أو اثنين يؤيديان ذلك. وحتي أكون منصفة فإن هناك فضائيات منذ بدء ارسالها تطل علي المصريين وهي تحترم المشاهد، فتنقل الخبر من مصادره، وتتناوله من كل وجهة وتترك المشاهد يكون رأيه هو. وحتي لا ننتظر احدا ينتقد أداءنا فأنه علي نقابة الصحفيين لفت نظر بعض الصحف التي تتجاوز في ادائها سواء بالاثارة أو التحريض أو نقل الأخبار الكاذبة او الشائعات، ويكون ذلك عن طريق لجنة لتقييم الاداء مكونة من شيوخ المهنة.. وأؤكد ان ذلك سيكون له اثر بالغ التقدير والاحترام امام انفسنا. فاذا ما حدثت اية تجاوزات، فإن لنا ان نستنكر ونطالب النائب العام بالتحقيق، ونطلب من المجلس العسكري ورئيس الوزراء التدخل. اما الفضائيات وشاشات التليفزيون، فلا أعرف لها مسئولا عن أدائها الإعلامي إذا ما تجاوزت كل الحدود. نحن في مرحلة حرجة تحتاج من الاعلام المصري المقروء والمرئي والمسموع ايضا دورا في تشكيل وعي وثقافة المجتمع في المرحلة القادمة. وإلينا جميعا أقول: الحرية مسئولية.