أتمني ألا يمر حريق المجمع العلمي علينا مرور الكرام، صحيح انه كان بفعل فاعل جاهل أو عالم بأهميته وقدره العلمي والتاريخي ولكن هذا الحريق الذي أتي علي جزء من ثروة مصر التي لا تقدر بثمن ويعلم الله وحده هل يمكن تعويضها أم لا. هذا الحريق الضخم هو ناقوس خطر كبير لاهمالنا الشديد في حق تراثنا ولا اخفي ان الملايين قد لا يعرفون قدر المجمع قد يكونون قد قرأوا اللافتة المعلقة امامه قبل احتراقه والتي حطمها البلطجية بغل كما ظهر علي شاشات التليفزيون.. ولكنهم قطعا لم يدركوا أهميته. كما اعلن ان المجمع كان يضم بين جنباته -وهي مساحة في رأيي صغيرة في المبني الأثري الذي تم بناؤه خلال الحملة الفرنسية علي مصر- ما يقارب ال291 الف كتاب ومخطوط وخريطة كلها تمثل جزءا من تاريخنا القديم والحديث وبينها كتاب وصف مصر الذي اعده علماء الحملة الفرنسية بدقة متناهية. هذا الحجم من المقتنيات العلمية والأثرية الدقيقة الذي تم تجميعه داخل جدران المجمع يدل علي أننا وعلي رأسنا الدولة واجهزتها ممثلة في وزارتي الثقافة والآثار والجهات التي كانت تعرف القيمة الحقيقية لها.. اهملنا في حقها فصرنا شركاء في تلك الجريمة التي وقعت واضاعت اثرا فريدا قد لا يجود الزمان بمثله مرة أخري. فمن سمح بأن يضم هذا المبني الأثري.. الذي ثبت انه خال تماما من كل وسائل التأمين وابسطها خاصة ضد الحريق. كل هذه النفائس من الكتب والدوريات والخرائط والوثائق النادرة. صحيح ان الحريق تم تحت قوة قاهرة ولكن الم يكن في مقدور المبني بما يحتوي في امكانات ان يدافع عن نفسه.. مع الأسف لم يحدث؟ هذه الكمية الكبري من محتويات المجمع يبدو اننا لم نقدرها حق قدرها فجمعناها في مكان واحد ثبت انه سهل الحرق خلال ساعات! ألم يكن في مقدورنا ان نوزع تلك المخطوطات والنوادر من الكتب والوثائق علي مجموعات أخري أو مقار موازية لنفس المبني؟ لو اننا فعلنا ذلك في مكان أو اكثر لكان حزننا اقل من تلك الكارثة الكبري التي شهدناها وقلوبنا تبكي قبل عيوننا ونحن نري الحريق يلتهم الوثيقة بعد الأخري والكتاب تلو الآخر وبينهما وثيقة وصف مصر النادرة ثم ينهار سقف المبني فوقها جميعا. لقد انخلع قلبي وقلوب كل المصريين بعد ساعات من الحريق وهم يسمعون الإشاعات حول نية آخرين حرق المتحف المصري وانه تم بالفعل ضبط مجموعة كانت تحمل زجاجات المولوتوف والشماريخ بهدف اقتحام المتحف وحرقه لأننا ببساطة لانعرف علي وجه الدقة هل الحراسة حول المتحف كافية تسهل تأمينه ضد أي شيء ولا نحن علي ثقة بأن ما طنطنت له وزارة الثقافة في عهد وزيرها السابق فاروق حسني من تزويد المتحف بنظام تأمين بالأبواب الفولاذية ونظام آخر لتأمينه ضد الحريق كافيين لتوفير الحماية لكل كنوز مصر داخل هذا المتحف الذي به تاريخ 7 الاف من عمر التاريخ تمثل حضارة مصر منذ عهد الفراعنة العظماء. الأمر يحتاج الي اعادة نظر في كل متاحفنا ودورنا الثقافية وعلي رأسها دار الكتب التي تحوي امهات المراجع في كل العلوم يجب علينا ان نعيد ترتيب اوضاعها من جديد بتوثيق يضمن حمايتها ان نعيد النظر في نظم الاطفاء والحماية وان نتعلم من درس المجمع العلمي بأن نعيد توزيع ما نقوم بتجميعه في مكان واحد علي اماكن تضمن الحفاظ عليها.. وحتي لا تضيع في حريق مشابه لحريق المجمع.