تصريحات بعض رموز التيارات الدينية التي انتشت بالفوز في انتخابات مجلس الشعب هذه التصريحات تضمنت افكارا تثير قلقا بالغا لدي فئات كثيرة من الشعب. ومن اكثر الفئات التي شعرت بالقلق المثقفون والمعنيون بالحريات خاصة حرية الابداع والتغبير. القلق يتجاوز الهم الشخصي إلي ما هو أبعد، إلي المصلحة العليا للوطن. وإلي صورة الدين. أما المصلحة العليا للوطن فيري القلقون أن النفوذ الادبي الطاغي لمصر في المحيطين العربي والاسلامي كان طوال قرون عدة ثمرة احتضان مصر لحرية الابداع في مختلف الوان الفنون ولحرية التعبير مما جعلها الملاذ الآمن الذي يلجأ اليه كل المناضلين من اجل حرية التعبير فاذا فقدت مصر هذه الميزة النسبية فقدت منزلتها المتميزة ومكانتها كمنارة للفنون والثقافة والفكر في العالمين العربي والاسلامي وفقدت نفوذها الادبي الذي منحها قوة ناعمة تضيف إلي قوتها الطبيعية اضعاف تلك القوة اما الدين فتشوه صورته الوضيئة التفسيرات المقتضبة. مصر التي ظلت لقرون الارض الخصبة التي تزدهر فيها ابداعات الفنون بكل اشكالها وتعلي من قيمة حرية التعبير فعلت ذلك بفضل شعبها المتدين الذي رسخت في وجدانه القيم الاخلاقية السامية التي استخلصوها من الاديان السماوية التي آمن بها الشعب المصري. وكانت هذه القيم الاخلاقية هي السياج الذي يحمي حرية الابداع وحرية التعبير من تغول المتعصبين وقيود المتشددين، وفي نفس الوقت يصنع بفطرته السليمة المدعومة بالقيم الاخلاقية السامية الضوابط التي لا تسمح للابداع أو حرية التعبير بالشطط أو الانفلات الذي يشوه الابداع أو يسمح بأن تتحول حرية التعبير إلي سهام تصيب هذه القيم الاخلاقية. لم يلجأ شعب مصر إلي فرض قيود قانونية أو يسمح بتسلط تفسيرات متعصبة بمحاربة حرية الابداع وحرية التعبير، وتبني طوال تاريخه التفسير المستنير للنصوص الدينية. اليوم تقف مصر علي مفترق طرق، ويحتاج الوطن والدين معا لمبادرات عاقلة تتبناها القيادات المستنيرة في التيارات الاسلامية لتبديد المخاوف المشروعة للحريصين علي حرية الابداع في مختلف الفنون، وحرية التعبير في وسائل الاعلام المختلفة. وآمل ان يدرك اصحاب الدعوات المتعصبة ان عصر فرض القيود علي حرية الابداع وحرية التعبير قد مضي إلي غير رجعة، وان المبدعين في مختلف الفنون سيجدون أوطانا ترحب بهم ووسائل الاعلام الحديثة لن تستطيع قوة ان تحجب وصولها إلي الجماهير العريضة في كل مكان وزمان، فمصر السماوات المفتوحة كسر كل القيود واخترق كل الاسوار. الخاسر في حالة فرض التغيرات المتشددة و المتعصبة هو الوطن والوجه السمح للاديان السماوية خاصة الاسلام والمسيحية.