أكد ناصر أمين، المحامى الذى تولى قضية فيلم «الرئيس والمشير»، ضد وزارة الثقافة، إلزامية الحكم الذى أصدرته المحكمة الإدارية العليا بالتصريح بتصوير الفيلم. وتوقع أمين أن يخوض صناع الفيلم معركة مع الجهات التنفيذية وأن البدء فى تنفيذ الحكم لن يكون أمرا سهلا، مشيرا إلى أنه ينتظر نشوب معركة لتصوير الفيلم على الرغم من أن الحكم نهائى ولا يجوز الطعن عليه. وأضاف أمين «إما أن تنفذ جهة الإدارة الحكم طواعية وإما سنكون مضطرين لإقامة دعوى حبس على وزير الثقافة ورئيس المصنفات الفنية»، موضحا أن قانون العقوبات المصرى ينص صراحة على العقاب بالحبس والعزل لكل موظف عام امتنع عن تنفيذ حكم قضائى. من جانبه أكد جمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، أن هناك تفاوتا كبيرا بين النصوص الدستورية التى تقر حرية الرأى والتعبير ومن بينها حرية الإبداع، وبين النصوص القانونية التى تقيد هذا الحق. ويعتبر عيد أن الحكومة يغلب عليها ثقافة وضع القيود قبل إتاحة الحق، وينفى فى الوقت نفسه وجود أى تفاوت بين مساحة الحرية المتاحة للصحافة من جهة والحرية المتاحة للمسرح والسينما من جهة أخرى. وقال: «كمراقبين من الخارج نرى أن نفس العقلية الرقابية تنظر بحذر لحرية التعبير سواء لحرية الصحافة أو حرية الإبداع فى السينما والمسرح وإن اختلفت أشكال القمع». ويشير عيد إلى التقرير الصادر عن الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان بشأن حرية الرأى والتعبير فى 2007، حيث خصص التقرير قسما كاملا لحرية الإبداع فى السينما والمسرح. ويؤكد التقرير أن الجهات الرقابية التابعة لوزارة الثقافة ليست وحدها المسئولة عن التضييق على حرية الإبداع فى السينما والمسرح، مشيرا إلى وجود بعض الأجهزة الأمنية والمؤسسات الدينية الإسلامية والمسيحية التى تمارس أدوارا رقابية. نجاد البرعى، المحامى بالنقض، يوضح فى دراسة «المقصلة والتنور» التى ترصد وضع حرية الرأى والتعبير، أن هناك عددا من القيود المفروضة على حرية الإبداع الفنى فى السينما والمسرح. وتشير الدراسة إلى أن الرقابة على المصنفات الفنية ينظم عملها قانون صدر منذ عام 1955، والذى جرت عليه تعديلات 1971، كما ينضم للنصوص المنظمة للرقابة القرارات الوزارية الصادرة فى السبعينيات. وبحسب الدراسة فإن القرار الوزارى حدد عددا من الممنوعات والمحاذير الرقابية التى لا يجب أن يتضمنها أى عمل سينمائى أو مسرحى، ومنها الدعوات الإلحادية والتعريض بالأديان السماوية والعقائد الدينية وتحبيذ أعمال الشعوذة، وعرض مراسم الجنائز أو دفن الموتى بما يتعارض مع جلال الموت، وتبرير أعمال الرذيلة على نحو يؤدى إلى العطف على مرتكبيها أو باتخاذها وسيلة لخدمة غايات نبيلة، وعرض السكر وتعاطى الخمور والمخدرات على أنه شىء مألوف أو مستحسن، وعرض ألعاب القمار واليانصيب بطريقة تشجع على أن تكون مصدرا للرزق. كما حظر القرار الوزارى الأعمال التى تنطوى على استخدام عبارات أو إشارات أو معان بذيئة أو خارجة عن الذوق العام أو تتسم بالسوقية وعدم مراعاة الحصافة والذوق عند استخدام الألفاظ المقترنة اقترانا وثيقا بالحياة الجنسية أو الخطيئة الجنسية، بالإضافة إلى عدم مراعاة قدسية الزواج والقيم والمثل العليا. كذلك حظر عرض مناظر القتل أو الضرب أو التعذيب أو القسوة بطريقة وحشية مفصلة والتعريض بدولة أجنبية أو بشعب تربطهما علاقات صداقة بجمهورية مصر العربية وبالشعب المصرى ما لم يكن ذلك ضروريا لتقديم تحليل تاريخى يقتضيه سياق الموضوع، وهو ما اعتبره البرعى فى دراسته توسعا فى فرض القيود على المبدعين. يذكر أن فيلم «الرئيس والمشير» الذى كتبه ممدوح الليثى يتعرض لعلاقة الصداقة التى استمرت نحو ثلاثين عاما بين الرئيس الراحل جمال عبدالناصر والمشير عبدالحكيم عامر، والتى انتهت مع هزيمة 1967. ورفضت المحكمة الإدارية العليا رفض وزارة الثقافة للفيلم وأكدت حق صناعه فى البدء فى التصوير دون تغيير السيناريو، واعتبرت أن التعسف ضد صناعه ينال من حرية التعبير والمبادئ الدستورية.