قبل اندلاع الاحداث المؤسفة بشارع القصر العيني، انتشر علي جدران محطة مترو السادات شعار مطبوع عبارة عن دائرة بداخلها حرف A وعبارة مكتوبة علي زجاج اللوحات الاعلانية بخط اليد تقول "الاناركيون قادمون واللي مش عاجبه يسيب مصر ويرحل "، نفس العبارة التي سمعناها من بعض قيادات التيارات الدينية، المريب ان الشعار اختفي من فوق الجدران بعد اندلاع الاحداث بيوم واحد، فمن هم الاناركيون، وهل لهم علاقة بالتيارات الدينية، او لهم علاقة بالائتلافات الثورية ؟! قبل ان اجيب، اود العودة سريعا لما قالته الثائرة سامية ابنة عمنا الشاعر الراحل صلاح جاهين في برنامج العاشرة مساء اول امس، حيث قالت انه يجب أن نعترف ان الثوار قد استخدموا العنف في 25 يناير، وقيل عن الثوار وقتها انهم بلطجية، وقالت انهم حرقوا الآقسام بالمولوتوف وضربوا الأمن المركزي لكي يتم كسر الذراع الامنية ولولا ذلك ما كان قد سقط النظام، مؤكدة انهم نفس الثوار الذين سقط منهم شهداء في شارعي محمد محمود والقصر العيني الذين يطلقون عليهم الان سمة البلطجة، الخبير الاستراتيجي اللواء طلعت مسلم اعترض علي وصف من يحرق ويدمر ويهجم علي اقسام الشرطة بالشهيد، من منطلق ان من حق الامن استخدام حق الدفاع عن النفس، مؤكدا الثائر الذي لا يوجد لديه رؤية أو قيادة تتحول ثورته لفوضي . انا علي يقين ان سامية جاهين لا تعبر عن كل الثوار الذين يحرصون علي الصورة الوردية المطبوعة في اذهان العالم كله وهم يكنسون الميدان ويزيلون اكوام القمامة ويدهنون الارصفة يوم 12 فبراير، لكني اود ان اربط هذا بالاناركية المصرية الذين رفعوا شعارهم بميدان التحرير يوم عيد العمال، وعلقوا اعلامهم علي الاعمدة في الميدان التي ربما لم يفهم الاغلبية دلالاتها لكثرة ما رفع في الميدان من شعارات واعلام . ولم يلتفت احد ايضا ان لهم صفحة علي الفيس بوك تروج لافكارهم ويتبادلون من خلالها الاراء ويحددون مواعيد الاجتماعات والتحركات . الاناركيزم تعني الفوضوية واللاسلطوية، تعتبر الدولة شيئا غير مرغوب فيه لانها مضرة، البعض يعتبر الاناركية حركة ايديولوجية يسارية متطرفة وان كانوا يقولون علي انفسهم انهم تنظيم اجتماعي منتشر في العالم يقوم علي أساس التعاون الاختياري الحر بين أفراد المجتمع لتلبية احتياجاتهم المشتركة، بشرط أن تتعاظم فيه الحرية الإنسانية، وتختفي فيه السلطة القمعية، هم يرون ان الحكام والمشاهير اوثان يجب ان يتمردوا عليها، المؤكد ان جماعة الاناركية المصرية ساهمت وشاركت في 25 يناير وان لم يكن هناك رصد معلن لتأثيرهم في تطور العملية الثورية في مصر بما يتوافق وحجم انتشارهم لأنهم غالبا أفراد بلا تنظيم، فعاليتهم فعالية جنود في الحشود، وللأسف الشديد يحصد نتاج نضالهم و تضحياتهم الجنرالات والتيارات السياسية المنظمة، أي أنهم يوظفون أنفسهم لصالح إعادة إنتاج مجتمع سلطوي علي عكس أهدافهم، ويعيدون إنتاج فشلهم التاريخي المتكرر، مثلما حدث معهم في باريس والثورة الروسية والحرب الأهلية الأسبانية والموجة الثورية العالمية في مايو 68 وأخيرا حركتا مناهضة العولمة والحرب واللتان انتهيتا إلي الفشل، و الحقيقة أنه في كل تلك الأحداث التاريخية كان الأناركيون يتواجدون بقوة ولكن بلا تأثير في النتائج النهائية . الموضوع كبير وسوف نواصل الحديث فيه طالما كثر الكلام عن اللهو الخفي والطرف الثالث والاصابع الخفية .