قالت يا ولدي لا تحزن، فالحب عليك هو المكتوب، يا ولدي قد مات شهيداً، من مات فداء للمحبوب (مصر)، لكنني لم أعرف أبداً أحزاناً تشبه أحزانك، وبرغم الحزن الساكن فينا ليل نهار، الحب سيبقي يا ولدي أحلي الأقدار، بحياتك يا ولدي امرأة (بلد)، عيناها سبحان المعبود، فمها مرسوم كالعنقود، ضحكتها أنغام وورود، والشعر الغجري المجنون، يسافر في كل الدنيا، قد تغدو امرأة يا ولدي يهواها القلب، هي الدنيا.. (هي مصر). مصر ياولدي أحلي الأقدار، مصر التي في خاطري وفي دمي،عيناها سبحان المعبود، أحبها من كل روحي ودمي، مصر يا ولدي يهواها القلب، من جوه القلب، من الحشاشة، مصر بلد فاردة شعرها علي شط الترعة، رمشها يفرش علي فدان محبة، وغيط كرم، وجنينة أمل، في وطن براح تجري فيه أحصنة الأمل مسروجة بشال من حرير بيهفهف علي بلكونة الحبيب، إن طل. في بلد ناسه بتبوس الإيد وش وضهر علي النعمة، وبتشكر ربنا علي اللقمة الحاف مغموسة بعرق العافية، فول بالزيت الحار وبصلة ناشفة في الاصطباحة، تفتح النفس المسدودة من فضائيات الليل وآخره، تفطر علي تمرة في رمضان مع الأذان، وشربة ماء طهور من طلمبة تسقي من عين جارية، تبل الريق في حر بؤونة، في بلد فلاحها مغروز لوسطه في الطين، يزرع الفدادين، والصنايعي عرقه سارح يغرق سلسلة الظهر، لا يئن ولا يشكو من قطمة الوسط، يرفع عن كاهله ويقول يا معين. مصر بلد المصلين الراكعين الساجدين وعلي جنوبهم يذكرون، مصر بلد المتصوفين المبتهلين ، الله حي والأمل جاي من جوه قلوب بيضاء مترعة بالإيمان، ووجوه صبوح مندية بقطرات الأمل، تتجمع علي سطوح الروح ساعة الفجرية تبلل النفس العطشانة إلي المحبة، مين له نفس ياكل ولا يشرب ولاحتي ينام ، عطشان ياسماراني محبة، عطشاني ياسمراني. مصر بلد العتبات الخضراء، الناس فيها بيبوسوا العتب تبركا، ليس تشيعا، بركة وبلد مبروك وكله بركة، محروس بجيش عرمرم من الأولياء والصالحين والقديسين، عاشوا وماتوا يبتهلون ويرفعون إلي ربهم أكف الضراعة حبا في مصر ورعاية، وزيادة في كل خير، والنجاة من كل شر. علامات وشارات سجلوها فوق المقامات من زمن بعيد، في أزمنة كانت البركات تتنزل من السماء تسقي الزرع خير وبركة، وكانت الدعوات تتصعد إلي السماء طالبة العون والهداية، كانت أبواب السماء مفتوحة ولاتزال في وجه المخلصين العاشقين، دعوتنا لاترد دعوة الصائم عند فطره ودعوة المظلوم عند سجنه، صمنا كتير وبدنا نفطر وندعو، سجنا كتير وأفرجوا عنا الشباب يوم 25 يناير، نفسنا ندعو للوطن الحبيب، وصلي علي الحبيب، قلبك يطيب، والحبيب محمد صلي الله عليه وسلم وصانا بها خيرا فادعوا لها بالعشي والإبكار. مصر حلوة قوي، أحلي مافيها ناسها، وطن جميل مشرع ومرعرع، بلد يزرع الأمل في أرض بور من الرجاء، أرض تقطع الخلف، تطرح فيها البركة باسم الله، ويضاعف لمن يشاء، وطن بعد اليأس صار عفيًا، وشبابه ورعا تقيا، وبناته يملأن الجوار بضحكات شقيات هن أم الجمال، وأطفاله يلهون علي شط الوطن بألعاب من ورق، بعضها يطير، وقليل منها يسبح، وكثير منهم يزقزق زي العصافير، وطن طلته من بلكونة الصبح ممزوج ببخار الشاي الأحمر، مخلوط بالنعناع الأخضر، نهارنا نادي زي الفل. وطن كلما زرعوا فيه اليأس قيراط يطرح الأمل فيه فدادين، كلما جرفوا طين الوطنية، استبدلناه طينا غير طينه، كلما أغرقوا شبابه في اليم، جاء من خلف الصفوف جيش منهم، وطن يولد فيه كل صباح ألف شاعر وألف روائي وألف عالم وألف ألف مما تعدون من ناس طيبين محترمين كويسين محبين عطوفين، وطن فيه المرأة بألف مما تعدون، وست البيت بميت راجل مما تسترجلون. علي التوتة والساقية ألمح كل يوم عصفور فرحان يغني ويرقص للندي والنور، يغدو خماصا ويعود بطانا، بلد فيه الفقير بياكل والغني بياكل، لا أحد ينام من غير عشاء في المدينة، بجنيه تاكل بألف تاكل، علي الرصيف تاكل، في الخمس نجوم تاكل، المهم تاكل وتشرب وتنام قرير العين، حامد ربك شاكر سيدك، ما نحن إلا عبيدك، ياكريم، ياستار، استر علينا، ناس قنوعة تطلب الستر لا الغني. بلد القسمة والنصيب فيه مقدر ومكتوب، والمكتوب علي الجبين لازم تشوفه العين، والعين شافت كتير، وياما دقت علي الرءوس طبول، وعلي كل طبل يرقص ويتحنجل إبليس، وأول الرقص حنجلة، ناس بتتحنجل علي كعوبها، وناس بترقص علي أطراف صوابعها، وناس بترقص علي جثة الوطن، وناس بتشيع شباب الوطن، وناس معتصمة بحبل الوطن، وناس بتحصد مقاعد، فليتبوأوا مقاعدهم في البرلمان، أما نحن فلنا الميدان. مصر لن تركع، لن تذل، لن تضام، الكريم لايضام، مصر أرض النعم مهد الحضارة بحر الكرم، هي أم الدنيا، مذكورة في الكتاب، في القرآن والإنجيل والتوراة، ادخلوها سالمين، مصر بلد الطيبين، مصر جامع وكنيسة، منارة بتلالي ومئذنة خضراء بتضوي، في وطن يخترقه من عند القلب نيل فرات سائغ شرابه لذة للشاربين. وطني لو شُغِلتُ بالخُلدِ عنّه، نازعتني إليه في الخُلدِ نَفسي، ومصر التي في خاطري وفي دمي، وطن بيغني علي ليلاه، ويعشق كل جميل، وطن ذوق، وخفة وجمال ودلال، وألف لسان ولسان، ومكنة كلام، ويفتي في كل مجال، ويحلف بالعذراء والنعمة والقرآن والإنجيل وبمحمد عليه الصلاة والسلام، وصلي علي النبي عليه الصلاة والسلام وزيد النبي صلاة، عليه ألف منه، وطن بيحج كل خمس ويعتمر كل عام، وطن يعشق الكعبة والمدينةالمنورة، ويرنو إلي القدس الشريف، ويمجد السيد المسيح، ويصلي عليه ويسلم تسليمًا كثيرًا، ويردد علي السامعين غنوة الترحيب بنبينا الصادق الأمين محمد بن عبد الله، طلع الفجر علينا من ثنيات الوداع وجب الشكر علينا مادعا لله داع.