أكتب إليكم وقد انطلقت الجولة الأولي للانتخابات البرلمانية التي انتظرناها طويلا والتي تأتي في ظروف بالغة التعقيد تجعلنا نضع أيدينا علي قلوبنا داعين الله - عز وجل- أن تمر التجربة الصعبة بأقل خسائر ممكنة ..لا نريد دما يراق وعنفا ينتصر وفقراء تمتهن إنسانيتهم..نريدها انتخابات حرة نزيهة نباهي بها الأمم من حولنا ولكن كيف؟ في ظل صراعات سياسية وأطماع جماعات تستعد للقفز علي السلطة ، وشباب قاموا بثورة يناير وضحوا بأرواحهم لنجاحها ثم حرموا من ثمارها .. أطاحت بهم أطماع جماعات مخضرمة توشك أن تستولي علي المستقبل لتعوض به ما لحق بها من ظلم في الماضي أو فلول يريدون إستعادة نفوذهم الذي زال بزوال النظام السابق.. وما دامت الانتخابات انعقدت في موعدها المقرر ولم تؤجل رغم توتر الحالة الأمنية ، ورغم إعتصام مئات آلاف في ميدان التحرير لأكثر من عشرة أيام ، وقبل أن تجف دماء أربعين شهيدا سقطوا وآلاف الجرحي والمختنقين بالغازالغريب لكن الانتخابات ربما تهدئ الأوضاع المشتعلة وتعيد الاستقرار الذي إفتقدناه في الشهور الأخيرة ..إتهموا الثورة بنشر الفوضي وانعدام الأمن واهتزاز الاقتصاد وفرار المستثمرين وهي بريئة من هذه الاتهامات ..فالثوار الذين ضحوا لم يحكموا ولم تتح لهم الفرصة ليجربوا أفكارهم ويواجهوا التحديات الواقعية حتي نحاسبهم ونحملهم المسئولية .. فالتقصير الأمني هو أهم أسباب فوضي المجتمع التي توشك أن تعصف باستقرار الدولة كلها ..فلا تلوموا شباب الثورة الذين خرجوا للمرة الثانية ليستكملوا مسيرة ثورتهم بعد أن أثارهم السلوك العنيف لقوات الأمن المركزي في تعاملهم مع اعتصام أهالي مصابي الثورة ..ثم تفجرت موجات من العنف غير المبرر تجاه المتظاهرين السلميين في ميدان التحرير وبعض المحافظات ..رأينا تفاصيل المعارك المرعبة علي شاشات التليفزيون علي الهواء ورغم ذلك ينكر وزير الداخلية أن جنود الأمن المركزي قد استخدموا الرصاص الحي أو الخرطوش أو المطاطي ويكاد يقسم أنهم لم يلقوا علي المتظاهرين إلا بالغازات المسيلة للدموع ..إذن يجب أن نكذب عيوننا وكأننا رأينا أشباحا ترتدي الزي الأسود القاتم المميز للأمن المركزي وهم يطلقون النار علي الشباب فيقتلونهم ، ويفقأون عيونهم في مباريات نشان يفوز فيها (الباشا) الذي يقل عمره عن الخامسة والعشرين فيهنئه جنوده علي صيده لهدفه البشع ذلك الضابط الشاب قناص العيون الذي رصدت الكاميرات جريمته دون أن يدري تربي علي قيم تحتقر البشر وتعتبر الشرطة من عجينة أرقي من باقي الناس ، وإذا كان بهذه الغلظة والقلب الميت في بداية حياته فإلي أي مدي يمكن أن تبلغ وحشيته عندما يتولي منصبا قياديا ؟ فإذا كنا ننادي بتطهير وزارة الداخلية من قياداتها التي ما زالت تتعامل مع الشعب بنفس الأسلوب الذي كانت عليه في العهد الماضي ..فكيف نطمئن للأجيال الشابة من الضباط الذين تربوا علي نفس القيم المرفوضة إنسانيا ؟ ألا يحق لنا أن نعرف من هو تلميذ إبليس الذي اخترع فكرة فقء عيون المتظاهرين ليحول المئات من خيرة شباب مصر إلي معوقين ؟ ومن صاحب قرار إستخدام غازات الأعصاب بهذه الكثافة لتفريق متظاهرين مسالمين ؟ لن نصدق من يقول إنها مجرد غازات مسيلة للدموع سبق استخدامها مع ثوار يناير فالكاميرا لا تكذب وبعض الشهود ما زالوا أحياء يرزقون ويعانون ونعاني معهم..لقد شاهدنا حرب شوارع بين فريق سلاحه الحجارة و فريق العنف سواء كان من الأمن المركزي أو من فريق اللهو الخفي.. وما بين انتخابات يمكن التكهن بنتائجها مقدما وبين استقرار نرجو أن يتحقق فإنا لمنتظرون .