السؤال الذي ينبغي أن يشغل فكر كل مصري الآن، هو ماذا سيحدث في مصر بسبب الانتخابات البرلمانية الحالية - اذا قدر لها ان تتم - ولنا أن نتساءل هل هذه الانتخابات هي فاتحة خير لبناء مصر الحديثة، أم انها نذير شؤم علي الوطن! وعموما فنحن سوف نتناول هذا الموضوع من خلال ثلاث مراحل زمنية متعاقبة: المرحلة الاولي: اثناء العملية الانتخابية ذاتها، وما قد ينجم عنها من انقسامات وتشرذمات ورشاوي انتخابية ووعود كاذبة وبلطجة وعنف وتحالفات وخيانات واشاعات كاذبة وتمويل اجنبي واسراف وتخبط وارتباكات. وفتن طائفية بين اتباع الديانات المختلفة، وفتنة دينية بين اتباع الديانة الواحدة، هذا فضلا عن الجرائم الانتخابية الاخري! المرحلة الثانية: اليوم الثاني - والفترة التالية مباشرة - لإعلان نتيجة هذه الانتخابات. المرحلة الثالثة: مستقبل مصر الذي سوف يُبني علي أساس نتائج هذه الانتخابات وهل سينقلب حلفاء اليوم إلي اعداء الغد! وعموما فإننا سوف نترك المرحتلين الاولي والثالثة لمقالات تالية، ونكتفي الآن بالتركيز علي المرحلة الثانية، أي عقب اعلان النتيجة مباشرة. هناك أولا حقيقة افتراضية، وهي انه عند اعلان نتيجة الانتخابات، سوف يكون هناك فائز وخاسر، غالب ومغلوب، من سيحصل علي مقعد في البرلمان ومن لم يحالفه الحظ. والسؤال الآن هو ماذا سيفعل هؤلاء الخاسرون، سواء أكانوا من الاحزاب المعتمدة التي اشتركت في الانتخابات »95 حزبا« او الاحزاب التي لم تشارك. وأيضا الائتلافات »051 ائتلاف« والمرشحون علي القوائم الحزبية 268 مرشحا والمرشحون علي القوائم الفردية 7268 مرشحا، بل وماذا ستفعل جميع القوي السياسية الاخري في مصر: دينية بدرجاتها واطيافها، وليبرالية بدرجاتها وأطيافها، وثورية شبابية اشتركت فعلا او قولا في الثورة.. ثم وما هو موقف باقي الشعب المصري من كل ذلك.هل ستقبل هذه القوي بالنتيجة، وفقا للقواعد الاصولية للديمقراطية، أم ان معظم الخاسرين سوف يتصرفون بمنطق الخاسرين في مباريات كرة القدم، حين تسمع صرخاتهم، وتري شماريخهم، ثم تراهم يواصلون احتجاجاتهم ومسيراتهم في شوارع المدينة وبعدهها يتجهون الي الميدان؟ هل سيقول الخاسرون، هذه هي الارادة الشعبية، أم أنهم سوف يستندون إلي بعض التجاوزات المتوقعة، فإذا بهم يتحدثون عما يطلقون عليه التلاعب والتزوير علي مستوي واسع، ويتجهون إلي القضاء، يتنابذون بالالقاب وتعج بهم ساحات المحاكم! هل سيقبلون بالنتيجة أم أنهم سوف يملأون الدنيا ضجيجا وشائعات لا أساس لها عن اكتشافهم لمؤامرات سرية »وطبخة« وصفقات تمت في الخفاء بين الفائز والحكومة وربما مع المجلس العسكري بل والامبريالية العالمية والصهيونية الدولية، وغير ذلك من الهواجس والظنون والاوهام المرضية! ويا تري ما هو شعور الشعب المصري الكادح، حينما يري انه قد تم تخصيص مبلغ ستمائة مليون جنيه للعملية الانتخابية في ميزانية عام 1102 بينما المؤشرات تتحدث عن أن مصر علي وشك الافلاس؟ وما هو موقف الشعب المصري الباحث عن الطعام والسكن، حينما يعلم ان اكثر من عشرين مليار جنيه مصري اخري انفقتها الاحزاب والمستقلون وغيرهم علي هذه الانتخابات ثم وبعد ان تعلن النتيجة فإذا قوي الرفض جامحة طائحة! هل سيقول الشعب - الواعي - ان معظم هذه القوي لو كانت تتنافس علي بناء الوطن فلماذا لم تنفق هذه المبالغ لتوفير الطعام لكل فم جائع! وما هو يا تري رأي النخبة التي تعلن ليلا ونهارا ان النهوض بالتعليم هو أمل مصر ومستقبلها بينما يتم اغلاق 31 ألف مدرسة، لاتخاذها كمقار للانتخابات علي مدار العمليات الانتخابية. وما هو شعور الشعب المصري المعطاء الذي يضحي بالنفيس لينال ارادته الحرة المستنيرة، فيتجه زمرا الي الصناديق الانتخابية، ليختار بين البرامج لا الاشخاص، فإذا هو لا يعرف اصلا الفرق بين أي من هذه البرامج ولا حتي اسماءهم.. فضلا عن ان الانتخابات تتم وفقا لنظام مركب معقد لا يتناسب وثقافة الشعب المصري مما يضيع فاعليته. الحقيقة المؤكدة انه القوم لو فعلوا هذا في صدر الاسلام، لأرسل اليهم نبينا العظيم من يهديهم ويفقههم في شئون دينهم واحكامه. ولو انهم فعلوا هذا بعد ان دخلوا في الاسلام، لارسل اليهم ابن الخطاب سرية من الجند لتأديبهم. ولو أن تروتسكي فيلسوف الماركسية المنشق والاكثر تطرفا، شاهد ما يجري لاصيب بالهم والحزن. ذلك انه لا اليمين ولا اليسار ولا الاخضر ولا الاحمر يقبل هذه المهاترات لامة في خطر. ومع كل ما تقدم فإننا نعد بتقديم البديل الرشيد، للديمقراطية السليمة وللانتقال الآمن للسلطة إن حسنت النوايا. والواقع يشهد ان بعض القوي تسعي للاستيلاء علي حصة ما تظن وتتوهم انه تركه، فإن اعترضها احد - حتي لمصلحتها - فلا بأس من اتهامه وترويعه. والآن فإن لنا ان نتذكر قول امير الشعراء احمد شوقي: إلام الخلف بينكم إلام ولينا الأمر حزبا بعد حزب وهذه الضجة الكبري علام! فلم نك مصلحين ولا كراما وعموما والحال كذلك فهل نطمع علي الاقل في ان يتفق الجميع من الآن علي كلمة سواء، علي ان يتقبلوا نتيجة الانتخابات كيفما تأتي وتكون، حتي لا نكسب الانتخابات لكن بعد ان نكون قد فقدنا الوطن.