نعرف أن الجيش المصري مستهدف الآن، هناك حقائق يجب ألا تغيب أمام لجميع بلا استثناء، منها ان الجيش المصري هو المؤسسة العسكرية العربية الوحيدة القائمة حتي الآن، الجيش العراقي تفكك. الجيش السوري يقمع داخليا ويكاد ينقسم علي نفسه، الجيش الليبي تفككت ترسانته العسكرية، تلك هي الصورة في مجملها، لذلك يبدو الحفاظ علي الجيش المصري هدفا أساسيا لكل المصريين بلا استثناء، ليس لأنه القوة الوحيدة المتماسكة حتي الآن، ولكن لأنه خط الدفاع الأخير عن الدولة المصرية المهددة بالانهيار. نقد سياسات المجلس العسكري أمر ضروري، ولكن المطالبة باسقاطه في هذه المرحلة مع عدم وجود بديل قوي يحفظ تماسك الدولة فهذا يعني تدمير آخر خط يحفظ تماسك الدولة. في نفس الوقت يجب علي المجلس إعادة النظر في سياساته. ان التمسك بنظام مبارك، أعني جوهره، والتدليل المبالغ له يعرض الدولة المصرية نفسها للخطر. الجيش المصري منذ تأسيسه كان يلتقي مع حركة الشعب المصري، لم يحدث تناقض في أحلك الظروف، ولذلك فإن وقوع تعارض بين المجلس وإرادة الشعب تعتبر ظاهرة سلبية خطيرة يجب تفاديها من الجميع، ليس مطلوبا من المجلس الأعلي أن يكون ثوريا، وليس مطلوبا أن يقود عملية تغيير عميقة مثل التي قام بها ثوار يوليو، لكن عليهم خلال الفترة الانتقالية التي يديرون فيها البلاد أن يتفهموا ما جري في يناير باعتباره ثورة عميقة الجذور تنتج الآن ثقافة جديدة يمثلها هؤلاء الشباب الذين استهدفهم الرصاص وقتل منهم عددا كبيرا، وأفقد عددا عيونهم، هذا سلوك خاطئ يجب أن يحاسب من أمر به أيا كان. ان الدفع بجهود الشرطة العسكرية لمواجهة شباب الثوار نقطة سوداء في علاقة الجيش بالشعب يجب تداركها بسرعة وعدم السماح بتكرارها، لقد كان ظهور الشرطة العسكرية يثير الاطمئنان. ويجب ألا يكون مصدرا للتهديد، وإلا كان التصرف السلبي الذي جري نقطة سوداء في العلاقة. نتمني تفهم المجلس لحقيقة ما جري في يناير، واستكمال المرحلة الانتقالية بما لا يتناقض مع جوهر الثورة. نتمني عودة الجيش إلي الثكنات بدون ذكريات قاتمة، سوف يكون لها آثار خطيرة علي الوطن كله. مزيد من الانتباه، الانتباه، فما يبدو عابرا الآن، ربما تكون له آثار خطيرة إذا لم ندرك حقيقة ما يجري.