اسم المدينة مثير للشجون! »عنتيبي« هي المدينة الأوغندية التي شهدت أول أمس توقيع 4 من دول حوض النيل منفردة علي الاتفاق الإطاري لتقاسم مياه النهر، في اعقاب فشل مفاوضات شرم الشيخ الشهر الماضي في ايجاد توافق بين دول الحوض التسع. منذ 63عاما.. سمع العالم ربما للمرة الأولي باسم »عنتيبي«.. كان ذلك عندما اختطفت مجموعة من الفدائيين الفلسطينيين طائرة فرنسية أقلعت من مطار تل ابيب في طريقها الي باريس، وحولت مسارها إلي مطار عنتيبي الاوغندي، وهناك أفرج الفدائيون عن الركاب عدا الاسرائيليين، الذين استبقتهم كرهائن للتفاوض علي اطلاق سراحهم في مقابل اخلاء سبيل اسري فلسطينيين في السجون الاسرائيلية. بعد 4 أيام انطلقت مجموعة من القوات الخاصة الاسرائيلية تضم 002 جندي علي متن 4 طائرات نقل عسكرية اقلعت من مطار شرم الشيخ »المحتلة حينذاك« إلي عنتيبي، وقامت بتحرير الرهائن وقتل الخاطفين ودمرت عددا من المقاتلات الاوغندية كانت رابضة في المطار، بينما لقي 4 من افراد القوة مصرعهم علي رأسهم قائدها جوناثان نتنياهو وهو استكمالا للمصادفات الشقيق الاكبر لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو! وبعيدا عن مصادفات المدن والاسماء، ليس من التعسف ولا من قبيل لي الحقائق، القول بأن اصابع اسرائيل مثلما كانت فاعلة في عملية عنتيبي التي تعتبرها انجح عملية كوماندوز لتحرير رهائن مختطفين، كانت ظاهرة ايضا في اتفاق عنتيبي لاختطاف حصة مصر المائية كرهينة لدي دول حوض النيل بالوكالة عن اسرائيل! لكن علي ما يبدو نجحت الجهود المصرية في الاسابيع الاخيرة التي اعقبت فشل مفاوضات شرم الشيخ وسبقت توقيع اتفاق عنتيبي في عرقلة تنفيذ المخطط الإسرائيلي الذي انقادت له بعض دول حوض النيل. كان المنتظر ان توقع دول منابع النيل السبع علي الاتفاق الإطاري وتترك مهلة مدتها سنة لمصر والسودان للانضمام إلي الاتفاق، غير أن الكونغو الديمقراطية وبوروندي قاطعتا اجتماع عنتيبي، وأحجمت كينيا عن التوقيع، انتظارا لما سوف تسفر عنه مباحثات رئيس وزرائها في مصر بعد أيام. بينما وقعت بالاحرف الأولي كل من اثيوبيا وأوغندا ورواندا وتنزانيا. لا يوجد خطر داهم يهدد نصيب مصر والسودان من مياه النيل، ولا يوجد تأييد دولي لتوقيع الدول الاربع »أو حتي السبع« علي الاتفاق بدون مصر والسودان، ولايبدو أن الدول المانحة أو المؤسسات الدولية سوف تمول اي مشروعات مائية بدول المنابع إلا بموافقة مصر والسودان، وبالتالي فالفرصة متاحة امام الدبلوماسية المصرية للتحرك الهاديء مع الاشقاء في دول المنابع لتصحيح مسار العلاقات والتوصل إلي توافق، وقلب المائدة علي المخطط الاسرائيلي. واذا كانت ثمة معركة فهي مع اسرائيل التي تسعي لحصار مصر في فنائها الخلفي وخنق شريان حياتها الرئيسي، ووسائل ردع وايذاء اسرائيل هي لحسن الحظ وافرة ومتاحة، دون ان نريها اصابعنا!