كنا زمان ندخر نقودنا في "حصالة" نفتحها في المناسبات، كنا نضع فيها مصروفنا اليومي مضافاً اليه ما تيسر من نفحات أبي "رحمه الله" ومنح أمي "حفظها الله"، وكانت لحظة فتح الحصالة مليئة بالفضول والأمل في أن تكفي "التحويشة" لشراء قميصاً لأبي في عيد ميلاده أو طقم كوبايات لأمي في عيد الأم، كنا كمن يدخر السعادة لأهله حتي يطلقها مرة واحدة في يوم عزيز عليهم، كنا نتباري ليغمرنا السرور ويلفنا الدفء وتسكن الفرحة بيوتنا، وكان أبي يحرص دوماً علي أن يذكرنا بأهمية "التحويش" في الحصالة الأكبر والأهم، التي هي حصالة الأعمال وليس الفلوس، إذ كان يري أن الدنيا مثل الحصالة إذا أودعت فيها الخير ومددت لها يدك في أي وقت لن تعطيك الا الخير، وإذا أودعت الشر لن تجد الا الشر، وكان كلام أبي وسيظل هو "تحويشة العمر". أقول قولي هذا بمناسبة الذكري الرابعة لرحيل أبي، وأسألكم الفاتحة.