تكشف التطورات المتسارعة في المواجهة الأمريكية - الصينية عن تحول شركة هواوي عملاق التكنولوجيا والاتصالات الصيني لرأس حربة في النزاع التجاري بين البلدين، حيث سخّرت الولاياتالمتحدة كافة إمكاناتها لوقف صعود الشركة إلي القمة كأكبر شركة عالمية تملك تكنولوجيا شبكات الجيل الخامس، علي الجانب الآخر تقف الصين بكل ثقلها لإقالة الشركة من عثرتها، حتي يتسني لها مواصلة السير إلي هدفها المنشود. المؤكد أن هذه المواجهة وما أعقبها من عقوبات أمريكية علي هواوي ستلقي بظلالها علي قمة العشرين التي تعقد في اليابان نهاية الشهر الجاري، وهو ما بدا مبكرا من خلال تشكيك بكين في جدوي عقد اللقاء الذي دعا إليه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع نظيره الصيني شي جين بينج علي هامش هذه القمة. حصار هواوي بدون شك، شكل الحظر الذي فرضته الولاياتالمتحدة علي هواوي ضربة قوية للعملاق الصيني، خاصة بعد إعلان شركة جوجل تعليق التعاون مع الشركة ووقف ترخيص نظام أندرويد، ما يؤثر علي هواتف هواوي، ويمنع المستخدمين من إمكانية الوصول إلي متجر تطبيقات جوجل والبريد الإلكتروني »جيميل» وغيرها. تلك الخطوة جاءت امتثالا لأمر تنفيذي أمريكي يفرض عقوبات علي هواوي بحجة أنها تمثل خطرا علي الأمن القومي. غداة الحظر الأمريكي، قال مؤسس هواوي رين جينغ في بنبرة يملؤها التحدي إن واشنطن »تسيء تقدير قوة» شركته، وأكد أن الشركات المنافسة أمامها ثلاث سنوات حتي تصل إلي ما حققته شركته في تكنولوجيا الجيل الخامس. أوضح جينغ في أن الشركة لم تتفاجأ بالتحرك الأمريكي، وأن هواوي كانت تتوقع هكذا قرار، قائلا »نحن بالفعل نستعد لهذا الوضع». مشيرا إلي أن شركته التي تشتري مكونات تبلغ قيمتها كل عام حوالي 67 مليار دولار، سوف تعمل علي تطوير تلك المكونات بنفسها. وأكدت هواوي أنها ستتمكن من إطلاق نظام التشغيل الخاص بها بحلول الربيع المقبل، مشيرة إلي أنها قد تتمكن من طرحه في الخريف المقبل. رغم تطمينات هواوي لعملائها، إلا أنها قد تتأثر لبعض الوقت وتفقد عددا من عملائها خارج الصين الذين اعتادوا علي نظام أندرويد، أما داخل الصين والذي توجه له الشركة نصف إنتاجها فلن يكون هناك تأثير يذكر. ترامب يطلب اللقاء في زخم الضربات الأمريكية المتتالية لهواوي، أعلن ترامب عن اعتزامه عقد لقاء مع الرئيس الصيني في أوساكا باليابان علي هامش قمة العشرين نهاية الشهر، إلا أن الرد الصيني المشكك في جدوي الجلوس مع ترامب مجددا، يشير إلي عدم تحمس بكين لمثل هذا اللقاء. ونقلت صحيفة ساوث تشاينا مورنينج بوست عن تشانغ يانشنغ كبير زملاء مركز الصين للتبادل الاقتصادي الدولي قوله »إن احتمالات عقد لقاء الرئيس شي مع ترامب في ظل الظروف الحالية لاتزال غير مؤكدة». وأضاف أن في ظل الظروف الحالية لا يمكن الخروج بنتائج من هذا اللقاء. هذه التصريحات تشير إلي أن الصين ليست في عجلة من أمرها لعقد لقاء رسمي مع ترامب، وأن عقد مثل هذا اللقاء يعتمد علي ما يحمله وزير الخزانة الأمريكي ستيفن مونشن الذي أعلن عن عزمه زيارة بكين لبحث ترتيبات هذا اللقاء. المكسب والخسارة ربما تحقق الولاياتالمتحدة بعض المكاسب علي المدي القصير، من خلال فرضها جدارا رقميا علي هواوي، وعزل الشركة الصينية عن جزء كبير من العالم، لكن لن تكون هواوي الخاسر الوحيد من هذا القرار، حيث أكد تقرير لمؤسسة »تكنولوجيا المعلومات والابتكار» الأمريكية أن فرض القيود علي هواوي، يكبد الشركات الأمريكية خسائر من عائدات التصدير بنحو 56 ملياردولار. إضافة إلي أنه يهدد بفقدان أكثر من 7 آلاف وظيفة علي مدي السنوات الخمس المقبلة، هذا إلي جانب التسبب في أضرار كبيرة لعملاء الشركة الذين يستخدمون منتجاتها وخدماتها في 170 دولة. وحال استمرار العقوبات الأمريكية، فإن الصين وفقا لوكالة بلومبرج الاقتصادية، تملك العديد من الأسلحة التي يمكن من خلالها إلحاق الضرر بالاقتصاد الأمريكي، منها تعليق صادراتها من العناصر الأرضية النادرة إلي أمريكا، التي تعد الصين أكبر منتج لها في العالم، وتعتمد الولاياتالمتحدة علي هذه العناصر بشكل كبير. وتستخدم هذه العناصر في صناعة النواقل الفائقة، كما تدخل في صناعة السيارات الكهربائية، والإلكترونيات الضوئية، ومصافي النفط وتوربينات الرياح والمحركات النفاثة. ليس بالخفي أن محاولات ترامب لوقف صعود هواوي باتت مكلفة للغاية، ليس علي الصين فحسب بل علي الأمريكيين أنفسهم، إلا أن الصين حتي الآن أبدت استعدادا كاملا لتحمل هذه التكلفة.