ليس هناك جيش أقوي من فكرة حان وقتها من الممكن صد غزو عسكرى لأراضيك ، ولكن ليس من الممكن مقاومة الأفكار. لم يكن أشهر أدباء فرنسا فيكتور هيجو على خطأ وهو يرى أن العقل أهم وسائل القوة ..بل هو صانعها ،ومنه تولد الأفكار الجديدة التى تنتشل أمم من ضياعها ..هكذا نهضت اليابان ، وبذات العقل أعادت ألمانيا الإعمار بعد تدمير سوى كل مدنها بالأرض ..حتى الصين خرجت إلى الصفوف الأولى فى عالمنا ..حتى لو سرقت أفكار الآخرين ونتاج عقولهم . فى شهر يوليو قبل اربعه سنوات ..صعدت روح الفنان عمر الشريف إلى بارئها ..وكنت فى ذلك الوقت أعمل مشرفا على التحرير فى قنوات أون تى فى ..وجلست وزملائى كيف نودع الفنان الكبير ،ونحن قناة أخبارية سياسية ..وتدولت الأفكار فى المعتاد فى مثل هذا النوع من القنوات ..متابعه مراسم الدفن ونقلها على الهواء ..متابعه العزاء والحصول على كلمات رثاء من النجوم الذين سيصلون سرادق العزاء ..إعداد تقارير عن حياته العامة وانجازه الفنى ...تخصيص فقرات فى البرامج لإستضافه نقاد ومقربين من الراحل العظيم للحديث عنه وعن أعماله . قررنا أن نخرج عن المألوف فى قنوات الأخبار عموما ..إضافه إلى التغطية المعتادة ..جاءتنا فكرة أن نختار ثلاثة أفلام تمثل مراحل الحياة الفنية ل عمر الشريف ..ويتولى ناقد فنى كبير حكاية الفيلم وظروف تصويره وكواليس البلاتوه ..لكن الفكرة كانت خارج المألوف وعليا الحصول على موافقه مالك القناة ومدير شركة الإعلانات المسئوله عن القناة لتوفير التمويل اللازم لشراء حق عرض الأفلام ..وكنت أخشى الرفض او السخرية من الفكرة أو حتى رفض تمويل شراء الأفلام التى سنعرضها فى سهرة الأيام الثلاث التى قررنا أن تكون وداع وتأبين للراحل الكبير ..ولكن جاء الرد متحمسا ومرحبا بتنفيذ الفكرة . وبدأت رحلة البحث عن افلام اخترناها بعناية تمثل نقلات نوعيه فى المسيرة الفنيه للفنان العالمى ..وطلبت من زميلى المسئول عن المحتوى شراء حق عرض هذه الأفلام ..ولم تكن لنا خبرات فى شراء الأعمال السينمائية ..وبعد اتصالات جاءنا شخص من التليفزيون هو أشهر مورد "خاص" لكل افلام ومسرحيات وبرامج التليفزيون والتى تم انتاجها منذ أول سلعه بث للتليفزيون المصرى .. يحفظها عن ظهر قلب ..نصحنى زميلى المسئول عن الادارة المختصه ..بسماع نصائح الأستاذ ، فهو الذى سيأتى لنا بما نحتاجه من التليفزيون ..وبأسعار زهيده .."بس نشوفه" رحله بحث اكتشفنا أن حقوق عرض هذه الأفلام موزعه بين شبكة قنوات عربية ..وشركة انتاج مملوكة لثرى عربى متزوج من فنانة شهيرة وتشاركه إدارتها وربما ملكيتها. فى سنوات حكم مبارك ..كان الجمود قد أصاب الدولة التى سعت إلى بيع القطاع العام ..ولا أدرى من فكر فى بيع كل تراث مصر الثقافى والفنى ..سهرات أدبية لكبار الكتاب والمفكرين ، برامج ،منوعات وأفلام من انتاج الهيئة العامة للسينما ..مسرحيات تحمل المال العام نفقات عرضها ..إضافه إلى تسجيل كامل لكل الأحداث السياسية منذ ثورة يوليو حتى خطابات رؤساء مصر.. تقريبا تاريخ مصر فى نصف قرن على الأقل مرصوص على ارفرف مكتبه التليفزيون المصرى ..وكان طبيعيا أن يصيب هذا المرفق الضخم كثيرا من الإهمال ..وتكدس بين دهاليزه ألاف الموظفين الذى نجح أغلبهم فى حمل كارت توصيه - من مسئول لم يدرك يوما معنى الإبداع - ..ليكتبوا اسمائهم بين كشوف العاملين به .. سنوات مبارك كانت عقلية الموظف المرتعد هى التى تحكم ..صعد أنصاف الكفاءات إلى مقاعد الإدارة العليا ..ونبت الفساد على جوانب شاشة قنوات التليفزيون الرسمى للدولة ..مذيعين عشش الجهل فى عقول أغلبهم ..ليس مهما سوى "مين واسطتك ". تغول الفساد وساد ..إلا من رحم ربى ، غادرت الكفاءات التى تبقت ، المبنى العتيق إلى استديوهات القنوات العربية والمصرية الخاصة . فى مئوية الرئيس جمال الناصر ساد التوتر المبنى فكثير من نشاطه غير موجود ..وإحدى مؤسسات الدولة تطلب مواد فيليمة خاصة بالرئيس الراحل ..وجاء الرد من مسئولى المكتبه ..أن خطب الزعيم الراحل المطلوية غير موجوده .. واستطاع احدهم تدبيرها من خارج المبنى ..!! مكتبه التليفزيون باتت فقيرة ، وحتى الأعمال الموجوده بها جرى نسخها وبيعها لمن يشترى ..أحد اشهر المخرجين فى المبنى أنشأ له قناة خاصه على يوتيوب ..ويتولى بث ثروة التليفزيون على قناته الخاصه ..ولا احد حاسبه او سأله كيف حصل عليها وكيف خرجت الشرائط من المبنى الذى يخضع لتأمين عالى المستوى . هذا الأسبوع وبعد أنتقادات من تيارات سياسية لمنصه العرض "ووتش إت " التى أطلقتها الشركة المتحده لعرض إنتاجها حصريا عليها ..بعض الإنتقادات الفنيه كان فى محله ..هناك مشكلات فى توقيت اطلاق المنصه ..وكذلك فى وسائل تأمينها الفنى من الإختراق ..ولم تخضع لتجارب معتاده لإكتشاف الثغرات وعلاجها .و فشلت كغيرى فى تسجيل الدخول عليها ..وأدركت الشركة المالكة أخطاء التطبيق ..وأعتذرت وأعادت وسائل التأمين للمنصه . المهم فوجئت بخبر فى الصحف عن شراكة بين الهيئة الوطنيه للإعلام التى تدير التليفزيون زز, الشركة الوطنيه المالكة لإعلام المصريين المنتجه لأغلب دراما رمضان هذا العام .وله ماله وعليه ماعليه ..لكن الإتفاق الرسمى يتضمن عرض كل التراث الفنى المملوك التليفزيون على المنصه الجديده ""watch it مقابل عائد مادى يدخل خرينة التليفزيون الخاوية والتى تحمل ميزانية الدولة مبالغ ضخمة من أجل أبقاء هذا المبنى بما فيه على قيد الحياة ."بالمناسبة علاقتى بإعلام المصريين ليست على مايرام ولست صاحب مصلحة خاصة وكنت دائم النقد لقيادتها وأنا أعمل معهم ". ولأن أكثر الأشياء -كما يقول الشاعر -فى بلادنا هى الأحزاب ..والفقر ..وحالات الطلاق ..فخرج سريعا من يهاجم ، حتى دون أن يعرف مضمون الإتفاقية ..ونتاجها على التراث الذى سيعود إلى الهيئة الوطنية والشركة الوطنية وبالتالى إلى الدولة . ويبقى السؤال هل هذا كافيا ..أظن أن على أعلام المصريين أو الشركة المالكة مسئولية وطنية وثقافية كبرى ..فمثلا ..كنت أثناء عملى فى أون تى فى ..على مسئولى الهيئة العامة للإستعلامات عبر الإدارة ..تحويل جريده مصر السينمائية إلى جريده ديجيتال ..بدلا عن الشرائط التى قاربت على التلف ، وكانت التكلفه ضخمة ..وعرضنا وقتها على ما أذكر تحمل التكلفه بالكامل مقابل نسخه لقنوات أون من جريده مصر السينمائية وهى بالمناسبة ارشيف سياسى لمصر منذالأربعينات وحتى الآن ..بها أفلام مسجل عليها أنشطة الملك وحتى أحداث الثورة ..ومغاردة الملك للبلاد ..وماتبعها من أجتماعات لمجلس قياده الثورة ..ولقاءات عبد الناصر وسفرياته وضيوف مصر من قادة العالم ..احداث مصر كاملة مسجلة لدى الهيئة العامة للإستعلامات . على الشركة المتحده ..والهيئة الوطنية للإعلام ..والمجلس الأعلى للإعلام الذى بات يهتم بدوره الرقابى اكثر من مهام كبرى كان عليه الإهتمام بها أيضا ..على كل هؤلاء بالتعاون مع الدولة ممثله فى وزارة الثقافة أنشاء الأرشيف الوطنى سواء كان على منصه ديجيتال على غرار شوف أكتر ..وليكن مضمونها أعرف أكتر ..ولو أنا مسئول عن العاصمة الإدارية المشروع التنموى الأكبر طوال قرن مضى ..تأسيس مبنى ضخم لأرشيف مصر الوطنى ..يضم الوثائق التى تسجل تاريخ مصر ..على غرار متحف تاريخ الفراعنه ..فكل دول العالم لها ارشيف وطنى ..وليس دار الكتب والوثائق ولا المحفوظات ..مبنى ضخم يليق بشعب ضارب فى أعماق التاريخ . رساله إرهاب كرة القدم يا وزير الرياضه لم أعد اصدق ماتشهده الساحة الرياضية وخاصة كرة القدم ..بات الخطر الداهم على بلادنا من ملاعب الكرة لايقل ضررا عن جرائم عصابات داعش ..أصوات منفلته لا تحترم حتى الآداب العامة ..فما بالنا بالرياضة التى من المفترض أنها تسمو بالإخلاق . لاعبون سابقون يطلون علينا كل مساءا يصبون البنزين على نار المنافسة ..أغلبهم لم يتلقى حتى تعليما مناسبا ..يعمل جهله فينا وفى الأجيال الناشئة ..ناهيك عن مصالح وبيزنس للفساد "قطاع خاص " ينسف أساس الرياضه رؤساء أندية تلمع أعينهم أمام الكاميرات وكأنها حسناء تذهبهم عقولهم ..وتصبح وسائل التفاهم هى الصراخ والتجاوز وبألفاظ بذيئة ..وتطاول على الدولة ورموزها ..وسحق القانون تحت أحذيتهم الرياضية . اتهامات بالرشى والفساد العلنى ..دون تحرك فكل الأندية مملوكة للدولة ..والأخطر هو إشعال الفتنه بين الملايين من جماهيره الكره ..اللعبة المجنونه التى تسحر مشجعيها ..بما يكفى ولا يحتاج مشجع الكرة التسخين وإشعال الفتنه ..الغريب أنه فى ظل هذا الصراخ والبذاءات لم نسمع صوتا لوزير الشباب والرياضة وكأنه يخشى من التدخل ولو بشكل ودى ..واسماعهم المنلفتين لصوت الدولة الحاسم ..ويذكرهم بالقانون الذى يخرجون عليه كل يوم دون مساءله . الغريب أن النيران كلما انطفأت ..تعود للإشتعال ولكن هذه المرة مصر على مرمى أيام من إنطلاق بطولة الأمم الأفريقية . جان وقت اظهار عصا القانون لمن لايرتدع إلا بها ..خاصة ان بعضهم ليسوا فوق مستوى الشبهات الجنائية .