غداً هو آخر أيام عيد الضحي المجيد وهو أول عيد أضحي بعد الثورة.. وقد مر العيد هادئاً في مظاهر الاحتفال صاخباً في مظاهر الاحتجاج. امتلأت الحدائق بعدد أقل من الناس وقد يكون الكثيرون سافروا إلي السواحل الشمالية والشرقية.. أيضاً قل عدد المتسولين عن كل عام وهذا غريب وقد يكون إحساساً بالمسئولية بعد الثورة. ولكن ظلت الاحتجاجات عنيفة.. ففي ليلة الوقفة أضرب سائقو المترو خاصة في محطة رمسيس وأوقف أحد السائقين قطاره في النفق مما اضطر الراكبين إلي تحطيم النوافذ والسير داخل النفق. وفي أول أيام العيد قطع أهالي سوهاج خط السكة الحديد احتجاجاً علي اختفاء بنزين »08«.. وتظاهر الأهالي في المنيا احتجاجاً علي قلة المعروض من أنابيب الغاز حتي وصلت أنبوبة البوتاجاز في المحافظة إلي 52 جنيهاً. وفي القليوبية فجر حلاق في مدينة كفر شكر زجاجة مولوتوف أمام مستودع أنابيب بوتاجاز لتفريق المواطنين حتي يحصل علي أنبوبة لنفسه.. وهذا تصرف يقترب من الجنون فقط تسبب بالطبع في حريق هائل ولولا تدخل المواطنين لحدثت كارثة في المنطقة كلها بسبب مواطن يريد أنبوبة بوتاجاز ولم يجد سوي هذه الوسيلة للحصول علي الأنبوبة. وفي محطات البنزين في الدقهليةوسوهاجوالمنيا وغيرها امتنع أصحاب بعض محطات البنزين عن بيع بنزين »08« إما لبيعه بالسوق السوداء أو تحسباً لزيادة السعر.. الله أعلم. ليس هذا جديداً فهو جاء بعد شهور من الاعتصامات والإضرابات، وإذا كنا نشعر جميعاً بالقلق والتشاؤم فإن تحليل الوضع الاقتصادي لمصر في الصحف العالمية يدعو إلي تشاؤم أكثر فقد نشرت صحيفة الفايننشيال تايمز أن الأوضاع الاقتصادية في مصر تسير من السييء إلي الأسوأ بسبب تراجع إضافي النقد الأجنبي خلال الأشهر الماضية، فقد كان 63 مليار دولار قبيل ثورة يناير مباشرة وبعد الثورة ووصل الآن إلي 1.22 مليار دولار.. وتوقع خبراء الاقتصاد في الجريدة العالمية الكبري أن تفقد مصر خلال ال11 شهراً القادمة كامل مخزونها الاحتياطي من النقد الأجنبي.. وهو ما يعني إشهار الإفلاس. ويقول أيضاً خبراء السياسة إنه مع بدء موسم الانتخابات ووجود هذا الكم الهائل من المرشحين والأحزاب المتصارعة علي دخول برلمان الثورة فإن الاستنزاف الاقتصادي والأمني سيتزايد مع تصاعد الحرب السياسية بين التيارات المختلفة والأحزاب المتباينة. هذا حصيلة متواضعة لما قرأته في صحف هذا النهار وما أقرأه وأرقبه منذ شهور.. وهي كلها أخبار تبعث علي التشاؤم والإحساس بأننا ندخل نفقاً مظلماً سيستمر لسنوات وأن كل دعوات التعقل والتأني والعمل من أجل بناء مصر وإنجاح ثورتها تذهب في الهواء ولا يستمع لها أحد. وفي رأيي أن زيادة حالة التشاؤم أخطر علي مصر مما يحدث فيها.. فالتشاؤم يؤدي إلي اليأس واليأس لا يمكن أن يعمل أو يتقدم. لذلك أدعو إلي التفاؤل في الفترة القادمة، من الطبيعي بعد سنوات الكبت والقهر أن تظهر المشكلات علي السطح ولكن الثورات تصحح نفسها والشعب المصري قادر علي الخروج من النفق إلي النور.. والحمد لله أن الانتخابات البرلمانية هذا العام ستكون بدون تزوير وبدون أحمد عز والحالة الاقتصادية ستتحسن بإذن الله وإن كان هناك من ظلمتهم الثورة فهي ستصحح موقفها قريباً.. لقد تعود هذا الشعب العظيم أن يجتاز المحن وعلينا أن نراهن جميعاً علي ذلك.