ونحن نقترب من نهاية الشهر الكريم، يذكرني القارئ العزيز المهندس هاني أحمد صيام بالمسحراتي، وقد كانت مهمة روحانية كبيرة، وكنا قديما نعتمد عليه في تناول وجبة السحور، لكن مع التطور والمدنية التكنولوجية الحديثة، أصبح ليلنا نهارا ونهارنا ليلا، ولم يعد للمسحراتي دور مؤثر في حياتنا، وأصبح من المهن المنقرضة. لكن عمنا صيام يتذكر الأشكال الحديثة للمسحراتي أولها التقليدي، الذي يعمل في ضوء عقد مؤقت محدد المدة يقدر بنحو 30 يوما سنويا ومهمته أن يجوب الشوارع والحارات والأزقة بجميع مدن وقري ونجوع الجمهورية علي مدي شهر رمضان مستخدما الطبلة أو المزمار مع النداء بصوت عال ( إصحي يا نايم وحد الدايم ) أو إطلاق بعض التهليلات أو الأناشيد الدينية، أما الشكل الثاني فهو المسحراتي غير المرئي المخبوء بين حنايا الصدور وأعني به ( المسحراتي الروحاني ) الذي يوقظ النفس البشرية من سباتها العميق وغفوتها الممقوتة حتي تفيق وتنهض وتهتدي إلي جادة الصواب وتفيء إلي أمر الله باتباع أوامره وتجنب نواهيه فتأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر فينصلح حالها ويستقيم ما أعوج من سلوكياتها وفي ذلك الخير كل الخير للفرد والمجتمع والوطن. أما الشكل الثالث فهو ( المسحراتي الطيار ) والذي أطلقته أندونيسيا هذا العام، ويتمثل في طائرات حربية تابعة للسلاح الجوي الإندونيسي، تحلق كل ليلة علي ارتفاع منخفض في المناطق السكنية - دون اختراق حاجز الصوت - في جزيرة جاوة، لإيقاظ المسلمين لتناول وجبة السحور، وقال المتحدث الرسمي باسم السلاح الجوي الإندونيسي إن التحليق قبل الفجر، لإيقاظ الناس، يحمل بين طياته مهمة أخري تتمثل في الحفاظ علي مهارات التحليق ليلا لدي الطيارين!، فهل يشهد العالم الإسلامي في رمضان المقبل ظهور ( المسحراتي البحار ) بفتح الباء وتشديد الحاء، والذي قد يكون علي هيئة باخرة أو لنش يجوب الشواطئ بالمدن الساحلية ليلا لإيقاظ الصائمين بشكل أو بآخر؟!. دعاء: اللهم استرني علي وجه الأرض، اللهم ارحمني في بطن الأرض، اللهم اغفر لي يوم العرض عليك يا الله.