رغم أن السد العالي كان مشروعا خاضت مصر من أجل بِنَائه حربا عام 1956 بعد أن قامت بتأميم قناة السويس لتوفير التمويل اللازم لإقامته، إلا أن هذا المشروع تعرض لانتقادات ورفض من بعض الذين ناصبوا جمال عبد الناصر العداء أو كانوا يرفضون استمراره في الحكم.. ووصل الأمر في الهجوم علي السد العالي إلي درجة اعتباره مشروعا كارثيا لمصر والمصريين، لأنه كما ادعوا سوف يفقد الأراضي الزراعية المصرية خصوبتها، وسيقضي علي ثروتها السمكية النيلية، وسيفسد علاقاتنا مع دول حوض نهر النيل!.. وردا علي هذا الهجوم الضاري علي السد العالي اشترك كل من الأستاذين الكبيرين محمد عودة وفيليب جلاب في إعداد كتاب مهم للرد علي هذا الهجوم، واختارا لهذا الكتاب عنوانا ساخرا من كتائب الهجوم هو: ( هل نهدم السد العالي ؟! ). وما تعرض له السد العالي من هجوم وانتقادات وتشكيك في جدواه وضرورته لنا، والذي استمر حتي بعد الانتهاء من بنائه وبدأنا حصد ثماره الطيبة، تعرضت له كل المشروعات القومية الأخري التي علي مدي العقود الماضية بدءا من المشروعات الصناعية الضخمة في الستينات، وحتي مشروع ازدواج قناة السويس ومشروعات أنفاق سيناء في الألفية الجديدة، والتي كانت بالنسبة للمصريين بمثابة الحلم الكبير، كما كان بناء السد العالي حلما كبيرا أيضا قبل سبعة عقود مضت. لقد انبري البعض للبحث كما يقال في المثل الشعبي القديم، عن القطط الفاطسة في هذه المشروعات.. أي البحث عن سلبيات وعيوب فيها، للتقليل من أهميتها وضرورتها والنيل من حجم الإنجاز البشري الذي تم في إقامتها.. وذلك بالطعن أولا في أولويتها بالمقارنة بمشروعات أخري يَرَوْن أنها أكثر إلحاحا، والنيل ثانيا من أهميتها بالتقليل من شأنها بل وجدواها، وتنفيذها قبل إعداد دراسات جدوي كافية لها، ناهيك عن تحملنا تكلفة مالية كبيرة لإنجازها !.. بل لقد وصل الأمر إلي ترويج أكاذيب سخيفة وساذجة عن هذه المشروعات الكبيرة مثلما فعلت قناة الجزيرة مع أعرض كوبري ملجم في العالم أقيم في مصر، عندما ادعت أن الممشي الزجاجي له يعرض المواطنين المصريين لخطر التهام تماسيح النيل لهم، رغم أن هناك مواطنين لا يكفون عن السباحة في هذا النيل بشكل مستمر ويومي! فإن هؤلاء الذين يستهدفون المشروعات الكبيرة بالهجوم دوما يفعلون ذلك انطلاقا من مواقفهم السياسية التي تدفعهم وتحضهم علي رفض كل عمل وكل قرار لحكم يعادونه ولا يقبلون به ويسعون لتغييره.. إنهم يَرون ما يحدث بالنظارات السياسية التي يرتدونها، ولذلك لا يقبلون أي عمل كبير أو صغير، ويرفضون كل إنجاز صغير أو كبير، ويشغلون أنفسهم بالبحث عن القطط الفاطسة فيها.. غير مدركين أن قططهم الفاطسة سوف تختفي سريعا وستبقي هذه الأعمال المهمة والكبيرة.