التحكيم المصري يئن تحت وطأة التدخلات والخروقات.. والحكام المصريون يتألمون لتأخر المستحقات وبطء الاجراءات وتواضع اسلوب التعاملات.. ورغم ان الحكام هم قضاة الملاعب وحماة العدل والحق والمدافعين علي تكافؤ الفرص.. غير انهم في مصر يشعرون وكأنهم مواطنون من الدرجة الثانية يفتقرون للكفالة الضامنة لحقوقهم الراعية لاوضاعهم.. ويتلقون التوجيهات والتعليمات التي قد تضر بنزاهتهم واماناتهم.. صوتهم دائما خفيض.. وحقهم دائما مهيص.. وحالهم غالبا في الحضيض.. لم يمر عليهم مع بداية الموسم سوي أيام قليلة والشكاوي تنهال منهم وعليهم.. والاعتراضات توجه لهم والخناجر تسدد نحوهم.. وحول الحكام والتحكيم والايجابيات والسلبيات التي تجري في ساحتهم كان لنا هذا الحوار مع الكابتن محمد حسام احد ابرز رجالات ورموز التحكيم المصري والرئيس الاسبق للجنة العليا لهم. بداية لايمكن ان نتحدث عن التحكيم والحكام دون ان نستطلع رأيك ونأخذ مشورتك فرغم ابتعادك عن الساحة الرسمية التحكيمية الا انك مازلت احد ابرز المحللين التحكيميين في الفضائيات ونشهد لك بالغوص في الاعماق والاطلاع علي الخفايا.. ما رأيك في التحكيم حتي الان؟ اشكر لك تعاطفك ورؤيتك المشجعة.. لكنني في الحقيقة لا اود ان اتحدث عن التحكيم وزملائي الحكام حتي لا اغضبهم او اسييء لابنائي واخواني الذين اعتز بهم واحرص علي رفقتهم.. وكم اخذوا علي انني صريح واتحدث بصدق عما يحدث ويدور في الساحة التحكيمية خاصة ان كلمة الحق حاليا اصبحت لا تعجب احدا ولا ترضي الصديق والعدو علي حد سواء. لكن قدرك اوقعك في طريقي ولا اراك قادرا علي التهرب حتي تؤدي رسالتك التي نذرت نفسك لها؟ التحكيم حتي الان لم يدخل محكا واختبارا شديدا يمكن الحكم علي الحكام من خلاله فالمباريات التي جرت حتي الان لم ترتفع سخونتها ويعلو اوارها لكي نقيم من خلالها الاداء بشكل عام.. ولا يمكن الاعتداد بمظلمة هنا او مشكلة هناك لكي ندين احدا ونقطع بأن المستوي الاجمالي يحتاج لتدخل فوري.. فالحكم بشر يجتهد.. واجتهاداته معرضة للصواب والخطأ.. خاصة في الامور التقديرية ومنها ضربات الخبراء.. واذا ما رأي الحكم الاقرب للواقعة ان القرار باحتساب ضربة جزاء لابد وان يكون يقينيا.. فان له كل الحق في ذلك ولابد من احترام قراره ورؤيته اما احتساب التسللات فهي دائما محل اختلاف واتقان والمساعد هو اقرب واكثر الناس قدرة علي احتسابها مع التسليم والاعتراف بوقوع بعضهم في الاخطاء وهي اخطاء واردة ومحتملة طالما انها ليست مغرضة او مقصودة او حتي نتيجة التقصير او قلة الفهم. ما رأيك في تمرد الحكم الدولي حمدي شعبان ورفض الانصياع لمناشدات رئيسه عصام صيام بتحكيم الطلائع والمقاولون؟ اولا الحكم في رأيي وتصوري لم يتمرد بل مارس حقا من حقوقه الطبيعية لانه ليس مجرد ترس من تروس آلة التحكيم غير البشرية وله احساس وشعور وعقل ولابد من اقتناعه بالدور المهم الذي يؤديه في المنظومة الكروية كابرز عناصرها المسئولة عن توفير العدالة وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين الجميع.. ثانيا التحكيم لايدار بالمناشدات والخواطر والعواطف.. كان لابد لرئيس اللجنة ان يجتمع بحكامه ويتفق معهم علي كل شيء قبل بداية الدروي ولايترك الامر لاجتهادات كل منهم او حتي لقدرته علي الدخول لاقناعهم في اللحظات الاخيرة.. الامور لابد وان يكون لها من الوضوح بحيث لا تتدخل فيها اي ظروف طارئة فتحدث المشاكل. استشهد الكابتن حمدي بك وقال انه رفض طلبا مماثلا في فترة رئاستك؟ ليس صحيحا انني طلبت من احد تعليق اي اعلان.. بل لعلي رفضت رفضا قاطعا ان يعلق الحكام اعلانات لشركات اطعمة واشترطت عليهم ان يتقدموا بازياء مناسبة وان تتم المفاضلة بينها ونختار الانسب ليرتديها الحكم وهو مستريح وبل اي غضاضة بنفسه كما طلبت من الاتحاد ان تتم مصارحة الحكام من خلال كل من الكابتن سمير زاهر والكابتن صلاح حسني بالنسبة المادية التي ستعود عليهم من الانتفاع بتعليق هذه الاعلانات.. وليس خافيا علي احد انني رفضت الازياء التي تقدموا بها واصررت علي تحسينها والارتقاء بها من كل الجوانب. وما رأيك في تذمر الحكام لعدم حصولهم علي مستحقاتهم؟ رأيي واضح في هذه المسألة.. لابد للحكام من الحصول علي كل مستحقاتهم المالية لانهم ببساطة شديدة ليسوا اقل شأنا من جميع العناصر الادارية والفنية التي تعمل بالاتحاد وتأخذ بالملايين وعشرات الآلاف.. ولايوجد اي مبرر ان يتجاهل الاتحاد حقوق الحكام ويتم تأخير مستحقاتهم بالاعوام مع ان بقية العناصر تحصل علي حقها قبل نهاية كل شهر بانتظام كامل.. الحكم يتأثر بما يدور حوله وامامه.. و يجب ألا نتصور انه آلة او ترس في هذه الالة. وعد عودة مستحقات الحكام الي الاندية وتخلي الاتحاد عن اداء هذه الحقوق؟ تمنيت ألا يصدر مثل هذا القرار وان تكون العلاقة بين الحكام والاتحاد متضمنة حقوقهم المالية حتي يكون هناك مزيد من الروابط والوشائج وان نحمي الحكام من أي شبهة غرض او اي عواطف تجاه الاندية ومسئوليها وحتي لا يمد الحكم ومساعدوه ايديهم لمسئولي الاندية للحصول علي اي اموال حتي ولو كانت حقوقا.. النزاهة الكاملة للحكام مطلوبة.. وكل ما يسييء اليها او يؤثر فيها نشجبه ونرفضه بقوة. هل معني اختيار الاتحاد الافريقي لحكمين مصريين هما محمد فاروق وجهاد جريشة ومساعدين ايضا بينهما ايمن وجيش ان المستوي العام للتحكيم المصري في ارتقاء متنام؟ عندما اخترت محمد فاروق علي رأس قائمة وترتيب التحكيم المصري هاجت الدنيا واعترض الناس علي اختياري ولم اعبأ لهذه الاعتراضات بل اصررت عليها.. وكنت دائما اشجع النابهين للحصول علي فرصتهم افريقيا ودوليا.. اما جهاد جريشة فكم كان مبشرا في كل مباراة تسند له ويحرص دائما علي تحسين مستواه ومؤهلاته العلمية والبدنية.. لكن دعنا نؤكد ان الحكام المختارين يبذلون جهدا خاصا وينتظمون في برامج شخصية للحصول علي تلك المنزلة واتمني ان يخضع كل الحكام في كل الوقت الي رعاية منظمة وبرامج علمية تؤهلهم للارتقاء بمستوياتهم حتي يعود حكامنا الي المراتب القارية والدولية ولا تخلو هذه القوائم منهم. من تري ان لديه فرصة للنبوغ في الفترة القادمة؟ اري ان محمود عاشور لديه هذه الفرصة وعنده العديد من الامكانات والمهارات.. كما ارشح معه ايضا رءوف الحوشي غير انه لم يحصل بعد علي فرصته كاملة ولم يخض اية اختبارات صعبة وقوية. الصراحة لا تفيد بصراحة هل تركت رئاسة اللجنة للضغوط التي مارسها البعض ضدك؟ وماذا تفيد الصراحة.. انا تركت اللجنة بإرادتي.. واتمني لمن فيها الان التوفيق.. واتمني للحكام ان ينعموا بكل المقومات والمعطيات التي توفر لهم مناخا طيبيا يجيدون فيه ويبدعون.. هذا المناخ لابد ان يحقق لهم ملابس جيدة وتأمينا صحيا.. ومنزلة لائقة.. ومستحقات مقبولة ومدفوعة وليست آجلة.. اما الذين تمردوا علي وجودي وحاربوني فانا أسامحهم واتمني ان يوفقوا سواء في مجال التحكيم او اي مجالات اخري مع الذين اعتزلوا المجال. هل كان بعضهم يتدخل في عملك ويفرض عليك امورا بعيينها؟ لعل اهم ما كان يغضبهم مني هو رفضي الكامل لهذا التدخل.. والخطر التام عليهم سواء من خلالي او من ورائي.. كنت اخشي علي الحكام من المغرضين وهم كثرة.. وكنت اسعي لابعاد هؤلاء المغرضين عن النفاذ الي اسرة التحكيم بأساليب مباشرة او غير مباشرة وعندما كان ينتامي لعلمي ان احدا اتصل بحكم بعينه وناشده مساعدته علي اتمام غرض ما كنت استبعد الحكم فورا حتي لا يقع في الفخ. آخر سؤال وبصراحة.. هل هناك رجالات في الساحة لها اغراض تحكيمية وتمارسها مع الحكام؟ بكل الصدق نعم.. وهؤلاء الرجالات لهم مواقع رسمية واماكن رفيعة في الجبلاية.. هناك من يتكسب ويتربح من وراء التحكيم ومن خلال علاقات شخصية بالاندية ورؤسائها الميسورين.. فاذا ما وعد احدهم مليونيرا بالابقاء علي ناديه في الممتاز او الارتقاء بناديه اليه او تحقيق الفوز له في مباراة مهمة او حرمان منافسه من التغلب عليه في لقاء حرج.. كل هذه الامور لها مردود مادي مغرض.. ولا يمكن ان ننزه هؤلاء المفرضين من القيام بها خاصة انهم الان من المتعطلين الذين يفتقرون للدخول الغزيرة فضلا عن اغراضهم الانتخابية في مناطق قاصية يفرضون عليها وصايتهم ويعلنون الانتساب لها وهي بريئة منهم بل لعل ذويهم وعوائلهم لايشرفها ان تنتمي اليهم.. اقول بكل الصدق ان هؤلاء المغرضين اخطر علي الحكام والتحكيم من اي شيء آخر ولا يمكن للساحة ان تتبرأ من براثنهم لانهم لديهم القدرة الفائقة علي التكون وعندهم الامكانية الكبيرة علي الانضواء تحت الوية وقريبة من القيادات الفنية الموجودة حاليا.