في ظل ظروف بالغة القسوة تحكم العالم اليوم، وتتسبب في شقاء البشر وتعاستهم، هل يمكن أن نلجأ للشعر لتحقيق التعايش السلمي بين الشعوب؟. هذه هي القضية التي دعينا لبحثها، بدءاً من اليوم، هنا في "دبي"، بمبادرة من "مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري"، التي لا تؤمن بمقولة هنتنجتون الشهيرة حول حتمية صراع الحضارات، وتناحر الثقافات، ولا توافق علي أن "الشرق شرق، والغرب غرب، ولن يلتقيان أبدًا". بل تسعي إلي مد جسور المحبة بين البشر مهما كانوا متباينين، فذهبت، في أكتوبر الماضي، إلي "سراييفو" لتعقد "قمة العالم الثقافية والدينية" علي أرض "البوسنة والهرسك"، بحضور عمرو موسي ، وقت أن كان أميناً عاماً لجامعة الدول العربية، وعدد من زعماء العالم، قبل أن تتوجه إلي "باريس"، في تعاون غير مسبوق مع منظمة "اليونسكو"، لتحقق التآخي بين شاعرين عملاقين: "لامرتين"، و"أحمد شوقي"، وإلي" قرطبة" لتأسيس "كرسي لتعليم العربية للإسبان"، وتنظيم دورات تدريبية للتعريف بآثارنا الباقية علي أرض "الأندلس"، وعقد ندوة حول إبداع "ابن زيدون" ومعشوقته "ولادة بنت المستكفي". وقد اختارت هذه المؤسسة "دبي" لإقامة ملتقي "الشعر من أجل التعايش السلمي" لما تمثله هذه المدينة العجيبة من نموذج عصري لتلاقي الحضارات، وتناغم الثقافات، وتعايشها بانسجام لافت للعالم بشرقه وغربه. وصباح اليوم، يقوم الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، رئيس الوزراء، حاكم دبي، راعي هذا الملتقي، بافتتاحه في حضور شعراء، ومفكرين وساسة ينتمون إلي قارات العالم الخمس. وفي محور "صورة الآخر في الشعر العربي القديم" يتحدث الدكتور عبدالله التطاوي عن "حضور الآخر في الشعر العباسي"، ويتناول الدكتور عبدالرزاق حسين" صورة الآخر المسيحي في الشعر الأندلسي والصقلي"، ويتوقف الدكتور أحمد فوزي الهيب أمام"الشعر في ظلال الحروب الصليبية". وفي محور" صورة الشرق في الشعر العالمي" يشترك خوان بدرو سالا مع نادر الجلاد في ورقة بعنوان "حضور الشرق في الشعر الإسباني"، فيما تقتفي باربارا ميخالاك "أثر الإبداعات الأدبية العربية كمصدر إلهام للشعراء البولنديين"، بينما تُجلي ناتاليا كيلمانين "صورة الآخر في الشعر الروسي"، وفي محور" صورة الآخر في شعرنا العربي الحديث" تتعدد الأوراق: "حضور الآخر في الشعر العربي الحديث عبر المدينة" للدكتورة سعاد عبدالوهاب، و"حضور الآخر في الشعر العربي الحديث من خلال الشخصيات، والنماذج الإنسانية" للدكتور يوسف نوفل، و"الاغتراب والانتماء في شعر المهاجر الأمريكي" لفخري صالح. ويرأس المفكر الدكتور سليمان العسكري، رئيس تحرير مجلة "العربي" واحدة من هذه الجلسات. أما المائدة المستديرة التي عنوانها "آفاق التواصل" فتناقش: الأدب المقارن وقضايا التأثير والتأثر، وترجمة الشعر بين المغامرة والتواصل، ورحلات الشعراء بين الشرق والغرب. وقد وعد الشاعر الكويتي عبد العزيز سعود البابطين، رئيس مجلس أمناء هذه المؤسسة، باصدار أربعة كتب جديدة بمناسبة هذا الملتقي، وهي: "الديوان العربي للشاعر الغربي - نصوص مختارة" من إعداد الدكتور محمد مصطفي أبوشوارب، والدكتور إيهاب النجدي، و"وساطة الشعر في التسامح الديني والمثاقفة العالمية" للدكتور راشد عيسي، و"صورة الآخر في الشعر العربي" للدكتور فوزي عيسي، و"قصائد من الشعر العربي المعاصر في العراق" للدكتور عبدالعزيز جمعة. ومعظم هذه الكتب تقدم رؤي موضوعية للعلاقة بالآخر، ومحاولة لإبراز الجوانب المضيئة التي تساعد علي تحقيق التقارب بين شعوب العالم، سواء من خلال الطرح النظري، أو عبر النصوص التي تم اختيارها بعناية، بما يضفي علي الملتقي طابعاً حضارياً. ولأن الشعر هو البطل في هذا الملتقي، فسيلتقي محبوه، في "دبي" بشعراء العالم في ثلاث أمسيات وظهريات شعرية، فضلاً عن القصائد التي تتغني بها المطربة اللبنانية، غادة شبير، مساء اليوم ومنها: "لمّا بدي يتثنّي" من الشعر القديم، تلحين عبدالرحيم المسلوب، و"لا تعتب علي" كلمات وألحان الأخوين عاصي ومنصور الرحباني، و"يا فجر لمّا تطل" من الشعر القديم، تلحين مصطفي كريدية، و"يا شادي الألحان" من الشعر القديم، تلحين سيد درويش، و"أنا وسهرانة" كلمات وألحان الأخوين الرحباني، و"يا حبيبي تعالي الحقني" كلمات يوسف بدروس، وتلحين مدحت عاصم، و"إمتي حتعرف إمتي" كلمات مأمون الشناوي، تلحين محمد القصبجي، و"عالروزانا" من التراث، و"اسقنيها" شعر الأخطل الصغير، تلحين محمد القصبجي، ومجموعة من القصائد المختارة لنجم الاحتفالية عبد العزيز البابطين، ومنها: "بدرُ اللّيل"، و"والهَوي ثالِثُنا"، و"الجمالُ الناعِس"، و"نداء"، و"روحان"، و"رحيل السنين"، و"رحلةٌ علي أنغام النّاي".