رسمت 47 قائمة ملامح خارطة الانتخابات الإسرائيلية المقررة 9 أبريل المقبل، لكن إعدادها انطوي علي مفاجآت مثيرة، تقدمها اعتزال تسيپي ليڤني رئيس حزب »الحركة» الحياة السياسية، واندماج أحزاب قديمة مع أخري جديدة، وتوترات داخل الحزب الحاكم »الليكود»، وتوزيع حقائب وزارية قبل بدء الانتخابات، فضلاً عن تشكيك في طول عمر الحكومة المرتقبة، وتوقعات بتكرار المعركة الانتخابية في غضون عامين علي الأكثر. ربما يفسر ذلك ارتباكاً في المشهد، لكنه في المقابل يفرض واقعاً درامياً، تؤكد مفرداته خسارة السياسة الإسرائيلية لوزيرة الخارجية السابقة تسيپي ليڤني؛ فبعيداً عن الانتخابات، تؤكد سيرة ليڤني الذاتية تفوقاً في المناورة، واحترافية في اجتذاب وسائل الإعلام نحو أيدلوجياتها، ولعل مهارتها كانت واضحة عند الانتقال بمرونة من حزب لآخر، وفقاً لموقع »تايم أوت» العبري. ورغم نجاح نتانياهو في تقديم قائمة حزبه، إلا أنه واجه انقلاباً ناعماً داخل البيت، فالأجواء الاحتفالية التي رافقت تشكيل قائمة الحزب الانتخابية، تحولت إلي انتقادات غير مسبوقة داخل مركز الحزب؛ إذ انتفض الليكودي المقرب جداً من رئيس الوزراء الإسرائيلي، عضو الكنيست ميكي زوهر (رقم 27 في القائمة)، وهاجم نتانياهو، ولاقت انتقاداته تشجيع أعضاء آخرين حينما قال: »مثل الحمار الأمين، عملنا ودافعنا عن نتانياهو خلال كل دورة انتخابية، لكنه قدمنا قرابين لمصالحه الخاصة»، بحسب »يديعوت أحرونوت». ومن زاوية المصالح الانتخابية، تبدو الصورة أكثر وضوحاً، حينما مارس نتانياهو ضغوطات علي اليمين الإسرائيلي للتكتل في قائمة، أطلقوا عليها »اتحاد أحزاب اليمين»، وضمت ثلاثية معتزلي أحزاب »البيت اليهودي»، و»الاتحاد الوطني»، و»القوة لإسرائيل». وإذا تعمد نتانياهو بخبرته تحريك القطع علي رقعة الشطرنج، فرياح تحالف »أزرق أبيض» بقيادة رئيس الأركان السابق بني جانتس، والصحفي والمذيع يائير لاپيد، جاءت بما تشتهي سفنه، إذ إنه فور اندماج حزبي »حصانة إسرائيل» و»هناك مستقبل»، عكف المتحالفون علي توزيع الحقائب الوزارية، وحصل جانتس بموجب عملية الاقتسام علي رئاسة الوزراء، وبينما احتفظ لاپيد لنفسه بالخارجية، واقتنص رئيس الأركان السابق بوجي يعالون حقيبة الدفاع! ولا يعول هؤلاء علي نتائج صناديق الاقتراع، وإنما علي نشر تقرير المستشار القانوني للحكومة أڤيحاي مندلبليت في تلك الفترة بخصوص ملفات فساد نتانياهو. ويؤمن قادة التحالف الأكبر في ظاهره أن التقرير سيطيح ب»بي بي» وحزب الليكود من الحكم قبل توجه الناخبين إلي الصناديق. ما يدركه نتانياهو ولا يفطن إليه قادة »أزرق أبيض»، أنهم لا يمثلون الطوائف الثلاثة الأكبر في جمهور الناخبين الإسرائيليين، وهي الطوائف المنحدرة من أصول شرقية، ونظيرتها الدينية - التقليدية، وأولئك الذين ينحدرون من أصول روسية. كما أن قادة الحزب الذين يمثلون إلي حد كبير الطبقة الارستقراطية في إسرائيل، لن يجدوا مؤيدين من »رجل الشارع»، وينطبق ذلك، وفقاً لتحليل موقع »دبكا» العبري علي أحزاب مثل »العمل»، الذي تؤكد مجمل استطلاعات الرأي أنه سيقل 10 مقاعد عن ال24 مقعداً التي حصل عليها الدورة السابقة، فيما تتنبأ دوائر إسرائيلية، بحسب موقع »NF»» العبري، أن الحزب سيواجه صعوبة في تجاوز نسبة الحسم. أما الأحزاب العربية التي تشكل رقماً متواضعاً في معادلة الانتخابات، فقررت هي الأخري تفكيك قائمتها المشتركة، وخوض المنافسة بكتلتين منفردتين، الأولي: الجبهة الديمقراطية للمساواة »حداش» بقيادة أيمن عودة، والثانية: الحركة العربية للتغيير »تاعل» بقيادة أحمد الطيبي، بينما اندمجت حركة التحالف الوطني الديمقراطي »بلد» برئاسة جمال زحالقة، والقائمة العربية الموحدة »راعام» التابعة للحركة الإسلامية في قائمة واحدة. ورغم الصراع المحموم، والارتباك غير المسبوق علي الساحة الانتخابية الإسرائيلية، إلا أن مؤشرات »طول عُمر» حكومة جددية بقيادة نتانياهو، وفق معظم التقديرات ضعيفة للغاية، فالأكثرية في إسرائيل وفي مختلف دول العالم، تتفهم وجود مؤشرات قوية علي إجراء انتخابات إسرائيلية جديدة، وذلك في ضوء غياب الاستقرار الناجم عن وضع نتانياهو القانوني، الذي إذا فاز، فلن تستمر حكومته لأكثر من 12 أو 18 شهراً. أما إذا فاز بني جانتس، فمن المشكوك فيه أيضاً أن تتمتع أي حكومة يتم تشكيلها حينئذ بعمر أطول، بحسب مقال نشره ضابط الاستخبارات السابق يوناتان أرئيل بموقع »news1» العبري.