حين دعا رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو الي اجراء هذه الانتخابات المبكرة، كان ذلك بعد فشله في الحصول علي إقرار الكنيست لموازنة 2013 في الموعد الذي ينص عليه القانون. ولأن الائتلاف الحاكم بقيادته كان يتمتع بشعبية معقولة، فقد قرر ان يستثمر جماهيريته في اجراء الانتخابات المبكرة بأسرع ما يمكن، بدلاً من المخاطرة بإهدار شعبيته في آتون معركة يمقتها الشارع حول الميزانية. مع هذا لا يمكن الادعاء بأن هذه الانتخابات تدور حول القضية الاقتصادية برغم ان عدم إقرار الموازنة كان السبب الظاهر للدعوة لإجرائها. كما إنه ليس ثمة قضايا معينة، أو حتي قضية محددة هيمنت علي المناقشات الانتخابية في اسرائيل، كقضية السلام، أو المستوطنات، أو إيران. بل لقد تراجعت القضايا الأمنية التقليدية كالسلام مع الفلسطينيين في سلم أولويات الناخب. ولأن نتانياهو يتمتع بكاريزما خاصة تمنحه القدرة علي إقناع الجماهير بوصفه الزعيم السياسي الحريص علي مصالح بلاده، وقدرة هائلة أخري علي "فَرْم" معارضيه وخصومه، فقد تحولت الساحة الانتخابية سواء علي مستوي الزعماء أو الأحزاب الي خلية نحل مفعمة بنشاط غير عادي لإثبات وجودها خاصة بعد ان فشل الثالوث النسائي الذي قادته تسيپي ليڤني رئيسة حزب "الحركة"، وشيلي يحيموڤتش رئيسة حزب العمل، وزهاڤا جل- أون رئيسة حزب ميرتس في عقد اتفاق بالاندماج بين احزابهن وتأسيس جبهة يسارية، تشكل نوعاً من التوازن امام كتلة حزبي الليكود واسرائيل بيتنا، لانتزاع منصب رئاسة الوزراء من بين انياب نتانياهو. ففي اليسار يأمل حزب "العمل" في إعادة تأسيس نفسه وإعلان وجوده كبديل جاهزللحكم، بينما يحاول "ميريتس" إثبات انه مايزال هناك مايسمي باليسار الصهيوني الأيديولوجي. أما في الوسط فإن حزب "كاديما" يناضل من أجل البقاء علي الساحة السياسية، بينما يحاول "يش عتيد" أن يؤسس نفسه كحزب جديد يمثل الطبقة الوسطي العلمانية في اسرائيل كبديل ل"كاديما". ويأتي " هتنوعاه" ( الحركة) بزعامة ليڤني ليقدم نفسه باعتباره البديل الحقيقي لليكود، وتعد ليڤني بأن تحقق ما فشلت فيه خلال وجودها في "كاديما". وعلي اليمين يتنافس كل من "شاس" و"البيت اليهودي" ليصبحا ثاني أكبر حزب في ائتلاف نتانياهو الحاكم. أما في القطاع العربي فماتزال احزاب "تاعل" و "القائمة العربية الموحدة" و"حاداش" أسيرة صراع تقليدي ثلاثي الاتجاهات من أجل الاندماج فيما بينها لتصبح أكبر حزب علي الإطلاق، لكن بلا جدوي. لذلك قد لا تكون هناك مفاجأة كبري في الانتخابات، إلا لو حدث تحول في المزاج الانتخابي العام، وانتقلت الأصوات من الائتلاف اليميني الديني، نحو الوسط بما يتيح الفرصة لبزوغ قيادة بديلة يمكنها تشكيل الائتلاف الحاكم. وهو ما يحتاج الي تحول ما يقرب من 5٪ من الأصوات. قد يكون هذا الاحتمال مستبعداً ، لكنه ليس بمستحيل. إن لم يحدث هذا، فقد تكون المفاجأة الأخري هي بروز قيادة من الوسط أو اليسار تستطيع قيادة معارضة قوية بشكل يسمح لها بتحدي نتانياهو وربما منافسته في الانتخابات فيما بعد.