قالت السيدة العجوز من خلال دموعها المنهمرة عقب مشاهدتها أحداث الاحد الدامي: ما ذنب هؤلاء الشباب الذين سقطوا في معركة ماسبيرو.. ولماذا قتلوا. قلت لها: يا سيدتي: كل هؤلاء لا ذنب لهم.. ولكنهم وقود المؤامرات الدنيئة التي تحاك ضد شعب مصر. فالقضية ليست في رفض تحويل منزل قديم بنجع بعيد في أقصي الصعيد إلي كنيسة.. وليست في حصول راعي الكنيسة علي ترخيص ببناء مضيفة أو كنيسة من عدمه.. ولكنها الذريعة التي استغلها هواة الصيد في الماء العكر.. والمتآمرون علي أمن مصر واستقرارها لتأجيج النار في الصدور.. وإثارة النعرة البغيضة للفتنة بين ابناء الوطن الواحد. لقد نبهنا في احداث سابقة إلي ان مصر ليست في حاجة إلي بناء مساجد أو كنائس، ولكنها تحتاج إلي تشييد مدارس يتعلم فيها اطفالنا كيف يحبون وطنهم.. والي مستشفيات تقدم العلاج اللازم للمرضي من ابناء الشعب.. اما إحراق مصر من اجل بناء مسجد أو كنيسة فهذا ما يجب ان نفطن له ولا ننساق وراء مثيري هذه الفتن. المتتبع للقلاقل التي حدثت خلال الشهور الماضية مع الاقباط يجد أن السبب الرئيسي لها هو عدم الموافقة علي بناء كنيسة سواء في المنيا أو نجع الماريناب.. وهدم مبني كان يجب ان تقام عليه كنيسة كما حدث في اطفيح.. واجمع الكل علي ان الحل يكمن في صدور قانون البناء الموحد لدور العبادة.. هذا القانون سيحل الكثير من هذه المشاكل لانه سيسوي بين المسلمين والمسيحيين.. وينهي للابد حدوتة الصراع علي بناء الكنائس.. ولكن التعبير عن الغضب من الاخوة الاقباط هذه المرة فاق كل الحدود.. الامر الذي تسبب في الاعتداء علي رجال القوات المسلحة الذين حموا ثورة المصريين من مسلمين واقباط في 52 يناير ولم يرفعوا اسلحتهم في وجه أو صدر أي مصري وهذا لا يجب ان يحدث تحت أي ظرف من الظروف.. وإحراق سيارات أو تكسيرها لمواطنين لا ذنب لهم لا يرضي احدا فكلها مقدرات الوطن وثرواته نستنزفها بالحرق والتكسير.. إلي جانب ترويع الآمنين الذين كانوا يسيرون في الشوارع ما بين شبرا وماسبيرو.. حق التعبير عن الرأي والتظاهر من اجل المطالبة بالحقوق لا يجب ان يتحول إلي معارك دامية. واذا كانت القيادات الكنسية قد اكدت ان هناك من اندسوا وسط المظاهرات السلمية التي قاموا بها.. فإن عتابي عليهم انهم لم يوجهوا ابناء الشعب القبطي إلي ضرورة عدم الخروج من كنائسهم أو منازلهم إلي الشوارع.. وتتولي هذه القيادات رفع مطالبهم بالطرق السلمية المشروعة إلي مجلس الوزراء والمجلس الاعلي للقوات المسلحة.. اما ان يحرض البعض الاخوة المسيحيين إلي الخروج إلي الشارع باعداد ضخمة وهم يعلمون ان البلطجية يمكنهم ان يندسوا وسطهم ويقومون بإطلاق النيران علي الجنود.. وإلقاء زجاجات المولوتوف و الحجارة واستخدام الشوم والسنج في الاعتداء وهذا مالا يقبله احد. مسئولية رجال الكنيسة عما حدث لا تقل بأي حال من الاحوال عن مسئولية من هدموا الكنائس.. فكلهم تصرفوا بعصبية في وقت نحن في أمس الحاجة فيه إلي ضبط النفس والحنكة في معالجة المشكلات والقضايا كما ان الجهات التنفيذية المسئولة عن ادارة شئون البلاد مسئولة ايضا ويجب محاسبتها لانها تترك الامور حتي تتفاقم ولا يواجهونها في بدايتها ثم يهرولون في كل الاتجاهات بعد ان تقع الواقعة في محاولة منهم إلي معالجة الاحداث. مصر لا تستحق منا ان نهدمها أو نضعفها اذا كانت حقا وطنا يعيش فينا. لا وطنا نعيش فيه كما يقول الحبر الجليل الانبا شنودة الثالث. e- [email protected]