كان حصاد القطن »الذهب الأبيض» في الخمسينيات وما قبلها وحتي منتصف الستينيات هو موسم الزواج في الأرياف وشراء كل احتياجات الفلاح.. وظل القطن المصري متربعا علي عرشه وله بورصة شهيرة في الإسكندرية حتي جار عليه الزمن وراحت أيامه!.. باق حوالي شهر ويبدأ موسم زراعة القطن.. وكل التوقعات تشير إلي أن الفلاحين سوف يهربون من زراعته بعدما نالهم من الخسائر الكثير في العام الماضي فقد اضطروا إلي بيع المحصول بثمن بخس نتيجة تراجع المغازل عن الشراء لضعف السيولة النقدية فوصل سعر القنطار إلي 2300 جنيه بعد أن وعدت الحكومة بسعر ضمان 2700 جنيه وزيادة المساحة المزروعة إلي 336 ألف فدان. مصر من أكبر دول العالم في زراعة القطن طويل التيلة وهو من أجود الأقطان عالميا ومعها الولاياتالمتحدة والهند والصين والأخيرتان لا تصدرانه إلي الأسواق العالمية ليصبح المصري هو الأول وكان في الماضي يحتل 80% من أسواق العالم وتراجع إلي نحو 20 % لأسباب كثيرة.. وتواجه صناعة القطن المصري تحديات، إذ تم بشكل تدريجي استبدال نوعية القطن المصري الطويل التيلة بأنواع أخري أقل جودة بالاضافة إلي ضعف إمكانيات تصنيع المنسوجات من القطن المصري والخسائر التي تواجه شركات القطاع العام التي تقوم بصناعة منسوجات القطن المصري. المهندس نبيل السنتريسي رئيس اتحاد مصدري القطن بين أمريكا ومصر يؤكد أن سبب عدم شراء المغازل المصرية للقطن المصري هو ارتفاع أسعاره، والمصانع لها دعم صادرات لم تحصل عليه منذ سنتين، ولا بد من دعم مصانع الغزل بشكل عاجل لشراء القطن المحلي طويل التيلة، لأنه يتم تصدير الغزل بأضعاف تكلفته وبالعملة الصعبة، ويتم تشغيل فنيين وعمالة مصرية ودفع ضرائب وقيمة مضافة، ونقل وغيرها وكل ذلك يدر دخلا وينشط السوق المحلية. ويحذر من توقف السوق الهندية عن استيراد القطن طويل التيلة من مصر، فيتسبب في انهيار الاسعار، وتتراكم »الفضلة» التي تصل إلي نصف مليون قنطار، مما يخفض الاسعار ويترتب عليه هروب الفلاح من زراعة القطن، ويطالب بضرورة دفع مستحقات المغازل بسرعة لانقاذ الموقف وبالتالي يتم الاقبال المحلي علي الأقطان المصرية، فتتنافس السوق العالمية لشراء أقطاننا وبالتالي يحقق ارتفاعا في الأسعار. ويضيف السنتريسي أنه يوجد مليون فدان لا نعرف تسويق انتاجها، ولابد أن تقوم الدولة بالشراء بسعر الضمان. أحد الحلول المطروحة هي زراعة القطن وجمعه آليا في الأراضي الجديدة المستصلحة غرب المنيا وتوشكي، والجني الآلي يتطلب محالج بجوار المزارع وعرض دراسة جدوي لزراعة 300 ألف فدان، تعطي 3 ملايين قنطار فتنخفض التكلفة مع وجود إدارة تسويق قوية ودعم من الدولة معلن، مما يقوي سوق القطن أمام المنافسة الشرسة والحرب علي أقطاننا عالميا. لابد من تدخل الدولة بقوة لضمان زراعة هذا المحصول الهام وطمأنة الفلاح والمنتج.. ودعم الدولة سيرفع أسعار أقطاننا عالميا والتوسع في زراعته لأن خطة الدولة التي ينادي بها الرئيس عبد الفتاح السيسي هي زراعة نصف مليون فدان بالأقطان طويلة التيلة وفائقة الطول والممتازة لعودة القطن المصري لعرشه.. وأري أنه ما دام الرئيس تدخل لحل مشكلة القطن المصري فإنني علي يقين أن »الذهب الأبيض» سيعود كما كان يوما من أسباب سعادة الفلاح.. المهم أن نبدأ ومشوار الألف ميل يبدأ بخطوة.