لابد وأن ننتبه جيدا، وتماما، لهذا المؤتمر الذي عقد في بيروت مساء الأربعاء الماضي بهدف التضامن مع سوريا في وجه العقوبات والتهديدات الأمريكية، لابد وأن ننتبه إلي أنه في الوقت الذي اشتركت فيه حركة فتح في هذا المؤتمر، وذلك رغم انه من المعروف أن دمشق تدعم حركة »حماس« التي تناطح »فتح« في نفس هذا الوقت غاب عن هذا المؤتمر المهم حزب الله اللبناني المعروف بولائه المطلق لدمشقوطهران، الأمر الذي أثار دهشة وتساؤلات جميع الدوائر والمراقبين! وفي تحليلهم لهذا الغياب غير المنطقي، وغير المتوقع، كان هناك تفسير هو الأقرب إلي العقل والمنطق رغم غياب المنطق كلية عن كل ما يجري في الشرق الأوسط ويقوم هذا التفسير حول خلاف حاد في توجهات دمشقوطهران بشأن الأوضاع في العراق، وهو الخلاف الذي تجسد بصورة واضحة في دعم سوريا للسيد إياد علاوي كمرشح لرئاسة الحكومة العراقية، بينما تدعم طهران السيد نوري المالكي رئيس الحكومة العراقية الراهنة التي تستهدف ائتلافا شيعيا شيعيا لتشكيل الحكومة الجديدة، وقد فسر المراقبون هذه الخطوة من جانب سوريا بأنها جاءت نتيجة الجهود التي بذلتها السعودية في الآونة الأخيرة، ونجاحها في إقناع دمشق بهذا الاتجاه الذي يصب بالدرجة الأولي في صالح الأمة العربية.. وفي غير صالح الأطراف غير العربية! وهكذا فإن غياب حزب الله عن هذا المؤتمر وتواجد »فتح«، واستجابة دمشق لرغبات السعودية ومن خلفها معسكر الاعتدال وسائر الدول العربية.. كل هذه الشواهد تؤكد أن الموقف العام في العالم العربي قد يشهد تغييرات ايجابية تصب في صالح التضامن ووحدة المسار والهدف.. وكلها أهداف غابت عن الساحة العربية لسنوات طويلة!