في الأول من أغسطس عام 2007 هاجم وليد المعلم وزير الخارجية السوري السفير الأمريكي في لبنان في ذلك الوقت جيفري فيلتمان وقال بالنص " يظن نفسه –فيلتمان- أنه يحكم لبنان ولكني أبشره بأن ما يفعله لن يجدي نفعا وأعرض عليه إجازة على نفقتي الخاصة في جزر هاواي". المعلم كان يرد حينها على تصريحات فيلتمان في بيروت التي إتهم فيها سوريا بتعطيل انتخاب رئيسا للبنان، وبعد أقل من عامين يستقبل اليوم وزير الخارجية السوري جيفري فيلتمان في دمشق مبعوثا خاصا عن وزيرة الخارجية الأمريكية حيث يشغل حاليا منصب مساعد وزير الخارجية اللشرق الأوسط بالوكالة، ويرافقه في الزيارة دانيال شابيرو رئيس دائرة الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي. الإعلان عن الزيارة جاء على لسان وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون الثلاثاء الماضي، حيث تعمدت الكشف عن الزيارة في مؤتمر صحفي مشترك مع وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني في خطوة وصفها المراقبوان أنها إشارة مفادها أن الحوار بين واشنطنودمشق لن يتم بمعزل عن تل أبيب. زيارة المسؤولين الأمريكين للمنطقة بدأت أول أمس في لبنان حيث عقدا لقاء مع رئيس كتلة المستقبل سعد الحريري أكدوا بعدها أن الإدراة الأمريكية تدعم إستقلال لبنان والحفاظ على سيادته ضد أي تدخل "خارجي". وينقسم المراقبون في واشنطن حول زيارة فيلتمان وشابيرو إلي دمشق وويقول جاشوا لانديزرئيس قسم دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاموما ل"لشروق" أن الولاياتالمتحدة تحلم بأن يحدث شق في صف ما تصفها ب"جبهة الممانعه" أي سوريا وإيران وذلك عن طريق الدخول في حوار مباشر مع سوريا حول كل الملفات في الوقت الذي يطالب فيه الكثير من مستشاري أوباما الدخول في حوار مع كليهما في وقت واحد. ويضيف لانديز أن كلينتون وضعت شروطا مسبقه للحوارمع دمشق وعلى رأسها التخلي عن دعم حركة حماس وحزب الله، مضيفا أنه سوريا لن تتخلى عن أورقها لان الولاياتالمتحدة لن تقدم لها تنازلات على حساب إسرائيل. أما أندرو تابلر الباحث بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الإدنى فيؤكد أن الهدف من إرسال مبعوثين بهذا الثقل إلي دمشق في هذا التوقيت هو إشارة من إدارة أوباما إلي الرئيس السوري مفادها أن الحوار سيكون حول ملفات صعبة وأن أوباما يسعى لإحراز تقدم فيها منذ البداية. ويضيف تابلر أن إختيار فيلتمان لهذه المهمة له دلاله مهمة حيث عمل فيلتمان سفيرا لواشنطن في بيروت وعرف عنه أثناء فترة خدمته في لبنان أنه من معارضي النظام السوري، لذا فإنه سيكون بمثابة صمام الأمان لقوى 14 آذار وأنه طالما دعمهم خلال فترة خدمته. ويشير تابلر إلي أن مرافقة شابيرو لفيلتمان في الزيارة رسالة واضحة لنظام الأسد أن حواره سيكون مباشرة مع البيت الأبيض وليس الخارجية فقط خاصة أنه من المعروف أن الأقرب إلي الرئيس الأمريكي هو مستشاري مجلس الأمن القومي وأن دائما لهم أولوية على حساب الخارجية. تابلر يستبعد أي تقدم على صعيد المحادثات قريبا خاصة أن سجل الإدارة السابقة مع سوريا طالما إصطدم بحائط علاقتها مع إيران، ففي الوقت الذي تدعي في دمشق أنها لديها نفوذ كبير على حزب الله وحركة حماس فإنمها دائما تدعي في محادثتها مع المسؤولين الأمريكيين أنهم خارج سيطرتها وأنها مجرد مضيفه لهم. أما بيتر هارلينج مدير مكتب مجموعة الأزمات الدولية في دمشق فقد أكد ل"الشروق" أنه بالرغم من أن الفترة الأخيرة نشطت الحركة الدبلوماسية بين دمشقوواشنطن، إلا أن المؤشرات التي حصل عليها في دمشق تؤكد أن الجانبين سيدخلا في مرحلة إختبار لفترة طويلة، مضيفا أن هناك عدةعقبات أساسية في الوقت الحالي تعرقل أي تقدم في علاقات البلدين ، أولها أنهإ على دارة أوباما أن تواجه حزمة من التشريعات الدولية والداخلية صدرت خلال إدارة الرئيس جورج بوش وعلى رأسها قرارت مجلس الأمن 1559 والعقوبات الدولية التي أقرها الكونجرس على سوريا. ويري هارليج أن علاقة سوريا مع إيران لن تعوق الإدارة الأمريكية عن حوارها مع دمشق لإنها تعلم جيدا أن تغيير خريطة التحالفات في محور الممانعة ليس بهذه السهولة، مضيفا أن تقرير مجموعة الأزمات الدولية الأخير إقترح على إدارة أوباما أن تراجع تجربة فرنسا في التعامل مع سوريا، فمن المعروف أن نظام الأسد في الفترة الحالية يسعى لتطبيع العلاقات مع واشنطن لفتح مجاله الأستراتيجي وتوسيع مجال خياراته وأعتقد أن ذلك سيقود في المستقبل لتعديل سياساته فيما يخص علاقته مع طهران.