ظاهرةٌ مُلفتة، طلابٌ يدخلون المحاضراتِ وما في أيديهم غير المحمول!! قد يُظَن أنهم يستَخدمونه لكتابةِ ملحوظاتٍ عن المحاضرة، أبدًا، إنه وسيلةُ تسليةٍ أثناءها!! أضفْ إلي ذلك الدخولَ بالزي الرياضي training suit، وممكن بصندل »roc، هذا في حالة الحضور، لأن نسبةَ الغيابِ عن المحاضراتِ مرتفعة!! ليس كلُ الطلابِ علي هذا المسلكِ، لكن نسبةً منهم لا بأسَ بها!! هل يمكنُ لطالبٍ أن يزورَ أحدَ أقارِبِه علي هذه الصورةِ؟ هل سيقابلُ رئيسَه في العملِ بالصندلِ؟ هل يستطيع دخول المبني الاجتماعي في أي نادٍ بالزي الرياضي؟ أبدًا. لكن يمكنُه في الجامعةِ!! هذا المستوي من التجاوزِ في حقِ المؤسساتِ التعليميةِ ناتج عن مناخٍ عام، أخطاءٌ غرَقَ فيها المجتمعُ بعدما انعدمَ دور الأسرةِ في التربيةِ، وغاصَت فيها المؤسساتُ التعليميةُ بالجودةِ السطحيةِ المخادعةِ التي أصبحَت في معظمِها سبوبةً أباحَت للطلابِ شكوي الأساتذةِ دون غرسِ سلوكياتِ الإلتزامِ لديهم. أضف بعضَ الأفلامِ والمسلسلاتِ التي صورَت الجامعاتِ وكأنها سداح مداح. حلو الامتحان يا حبيبي، عجبك الدكتور يا نور عيني، أوعي يكون زعلك يا قطقوط؛ ليست أسئلةَ أمٍ لابنِها في الحضانةِ، إنها نغمةُ الاستبياناتِ التي يوزعُها أهلُ الجودةِ علي طلابٍ يتغيبون عن المحاضراتِ ابتغاءَ رضاهم؛ نغمةُ تتصورُ إداراتُ الكلياتِ والجودةِ أنها ستفتحُ عليها أبوابًا أوسعَ. لا توجدُ في الاستبياناتِ أسئلةٌ عن المعاملِ، والمكتباتِ والمدرجاتِ ولا حتي دوراتِ المياه. كما شاعَ منذ عقودٍ تجاوزُ وزارةِ التربيةِ والتعليمِ في حقِ المعلمين باعتبارِه أسهلَ وسائلِ نفاقِِ الرأي العام، أخذت الإداراتُ في الجامعاتِ والكلياتِ الحكوميةِ نفسَ منطقِ اللامنطقِ، مدفوعةً بما يجري عليه الأمرُِ في كثيرٍ من الجامعاتِ الخاصةِ. الطالبُ أصبح زبونًا في سوبرماركت أو مطعم أو كافتيريا، لابدَ أن يكونَ علي حقٍ؛ اِنهارَ الفاصلُ بين منطقِ البيع والشراءِ وأخلاقياتِ التعليمِ وسلوكياتِه!! التجاوزُ في حقِ المؤسساتِ التعليميةِ خطرٌ في الحاضرِ قبل المستقبلِ، خطرٌ علي الدولةِ، بما ينتجُ عنه من سلوكياتِ الألتراس والتمردِ والتخاذُلِ وتسطيحِ الفكرِ. خطرٌ عاجلٌ، تسبَبَ فيه انغماسُ الأسرِ في لقمةِ العيش، واستغراقُ أهلِ الجودةِ الجامعيةِ في التكريسِ لأنفسِهم علي حسابِ أخلاقياتٍ وسلوكياتٍ واجبةِ الاحترامِ. لا نلومُ علي صناعِ الأفلامِ والمسلسلاتِ لأنهم يرمحون وراء القرشِ، ولأن لهم أبناءً في الجامعاتِ، داخلين طالعين يد ورا ويد قدام بالزي الرياضي. كم تبلغُ ميزانيةُ الجودةِ وما نصيبُ المكافآتِ فيها؟ وهل تَصلحُ إداراتٍ جامعية تتوهمُ النفعَ في إبعادِ أعضاءِ هيئةِ تدريسِ إرضاءً للطلاب؟ أم هو إرضاءٌ لنفسِها؟ وهل تُدارُ جامعات الحكومة بمنأي عن أعضاء هيئاتِ التدريسِ؟ وهل أصبحت الجامعاتُ الخاصةُ قدوتَها؟ ثم، أي شبابٍ يُرادُ تمكينُهم، إذا كانوا لا يحترمون الحرمَ الجامعي ولا أي حرمٍ؟! الخطأُ علي الدولةِ والمجتمعِ.. أهل الجودة يا عين تاهت مواضيعهم واتجمعوا يا عين بس يا تري مين معهم اللهم لوجهك نكتب علمًا بأن السكوتَ أجلبُ للراحةِ والجوائزِ.. • أستاذ هندسة الحاسبات بجامعة عين شمس