في خطابه الشامل للأمة خلال لقائه الجامع بعمال مصر أمس أعطي الرئيس مبارك إشارة البدء لانطلاقة اقتصادية جديدة لمصر نحو المستقبل، تقوم علي رفع معدلات الإنتاج وزيادة الاستثمار، وإقامة المشروعات وزيادة الصادرات، والتوسع في فرص العمل والتشغيل. وحدد مبارك بوضوح كامل تمسك مصر باستكمال مسيرتها علي طريق الإصلاح السياسي وترسيخ دعائم الديمقراطية، ودعم دور البرلمان، والأحزاب، وتعزيز استقلال القضاء، والنأي بالدين عن السياسة. وأكد بما لا يقبل مجالاً للشك رؤيته للمستقبل، وسعيه الراسخ لوطن مستقر آمن، ودولة مدنية حديثة، ومجتمع متطور، وشدد علي المضي بثقة وخطي مطمئنة لتحقيق هذه الرؤية وذلك الهدف، اعتماداً علي المؤسسات الدستورية الراسخة في الدولة والتي تضمن الاستمرارية والاستقرار. وأكد الرئيس علي أن تلك الرؤية الواضحة للهدف والسعي لتحقيقه لا تفرط في أمن الوطن والمواطن، ولا تساوم عليه، ولا تنحاز لأي طرف أو فئة ولكنها تنحاز للمواطن البسيط في مواجهة قضاياه ومشاكله، وتدعم تطلعاته وتدافع عن مصالحه. وشدد الرئيس علي أنه لا بديل عن المضي للأمام واثقين في أنفسنا ورؤيتنا مؤمنين بمستقبلنا وعزيمة شعبنا دون تردد أو اهتزاز. وأعلن ترحيبه بالتفاعل النشط لقوي المجتمع باعتباره ظاهرة صحية، ودليل حيوية، في إطار ما تشهده مصر حالياً ومنذ فترة من تفاعل غير مسبوق في حركة المجتمع، والذي تحقق نتيجة التعديلات الدستورية التي انطلقت عامي 5002 و7002. (البقية ص5) ولفت الرئيس الأنظار إلي خطورة انزلاق البعض إلي انفلات يعرض مصر وشعبها لمخاطر الانتكاس. وذكر الرئيس أن مصر علي الطريق الصحيح فيما تأخذه من خطوات للإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وأننا جميعاً في خندق واحد كمصريين، وأنه لا مجال في ذلك لمن يخلط بين التغيير والفوضي، وبين التحرك المدروس والهرولة غير محسوبة العواقب، أو من يتجاهل ما اعتمده الشعب من تعديلات دستورية، وما يتعين أن يتوافر للدساتير من ثبات ورسوخ واستقرار. وكرر الرئيس ما أعلنه قبل ذلك، من حرصه الكامل علي أن تكون الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة حرة ونزيهة، وأن يكون الشعب هو الحكم، وكلمته هي الفيصل في صناديق الاقتراع.
وفي إطار ما تشهده مصر من حراك اجتماعي وسياسي واسع قال الرئيس بوضوح لمن يرفعون الشعارات الفارغة، ويكتفون بالمزايدة: إن الشعارات والمزايدات لا تكفي لكسب ثقة الناخبين، ونصحهم بالعمل علي إقناع الشعب برؤي واضحة لحل مشاكله، والإجابة عن تساؤلات البسطاء من الناس، والتي تطالبهم بالإعلان عما يمكن أن يقدموه، وما هي سياساتهم ومواقفهم، وبرامجهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. ومن موقعه كرئيس للجمهورية، وكمواطن مصري دعا الرئيس الجميع للالتقاء علي كلمة سواء ترتفع فوق الشعارات وتتخطي المزايدات، لتعي الاحتياجات الحقيقية للأغلبية الكاسحة من الشعب، وتدرك تطلع العمال والفلاحين، والفقراء ومتوسطي الحال للحياة الأفضل، في ظل استقرار الوطن وحماية أمن أمان المواطن.
وفي بداية خطابه الشامل جدد الرئيس إعلان انحيازه الكامل لجموع العمال في مصر، وأكد وقوفه دائماً إلي جانبهم، وطالب الحكومة والبرلمان بدعمهم وإنجاز التعديلات التشريعية والقانونية الضامنة لحقوقهم، ومراجعة التشريعات الحاكمة للعلاقة بين العمال وأرباب العمل، ومراجعة هياكل الأجور في إطار علاقتها بالإنتاج. وأكد الرئيس أن التدريب وإعادة التأهيل ورفع الإنتاجية للعمال هو الطريق الحقيقي لزيادة الأجور، وقال إن الدولة رصدت نصف مليار جنيه من الموازنة العامة للتدريب وإعادة التأهيل للعمال. وأشار الرئيس إلي اهتمام الدولة بزيادة الأجور وأن يصاحب ذلك زيادة في المعاشات، وذكر أن قانون التأمينات الجديد يؤدي لرفع معاشات مليونين و007 ألف مواطن، ...، وقال إن هدف الدولة حصول العامل علي أجر مجزٍ ومعاش مناسب. وأشاد الرئيس بقدرة الاقتصاد المصري، وذكر أن مصر أصبحت واحدة من الاقتصادات البازغة، باعتراف العالم، وأن الإصلاح الاقتصادي مكننا من تحقيق معدلات إيجابية للنمو، رغم الأزمة العالمية، وبذلك تكون مصر والهند والصين هي ثلاث دول علي مستوي العالم في هذا الإنجاز، ...، وأضاف أن مصر أصبحت أيضاً ضمن سبع دول في العالم يمنحها العالم ثقته في إمكانية طرح سندات لمدة ثلاثين عاماً، ...، وأن العالم يتوقع أن تحقق مصر معدل نمو 5.5٪، ولكن طموحاتنا تتعدي وتتجاوز ذلك.
وحدد الرئيس الوسائل والأسس التي تقوم عليها الانطلاقة الاقتصادية الجديدة لمصر بوضوح لا لبس فيه عندما أعلن أنه قد كلف الحكومة بالشروع فوراً في عدة إجراءات واجبة التنفيذ تأتي استكمالاً لبرنامجه الانتخابي، وتضيف عليه وهي: إقامة 002 مصنع جديد. إنشاء 21 منطقة صناعية جديدة. إقامة سبع مناطق تجارية جديدة. طرح حوافز جديدة للاستثمارات بالقطاع الخاص. إقامة مجالات جديدة لمشاركة الاستثمارات العامة والخاصة. طرح استثمارات جديدة للدولة لا تقل عن 8 مليارات جنيه في مشروعات الخدمات والإنتاج والبنية الأساسية. جذب استثمارات مصرية وعربية وأجنبية لا تقل عن 42٪ من إجمالي الناتج المحلي. توفير ما لا يقل عن مليون فرصة عمل جديدة كل عام. مضاعفة صادراتنا غير البترولية خلال السنوات الأربع القادمة لتصل إلي 002 مليار جنيه عام 3102.
وكان الرئيس كعهده دائماً واضحاً ومحدداً عندما أكد أن اقتصادنا أثبت قدرته علي النمو بقوته الذاتية في ظل الأزمة العالمية ورغم ضغوطها، ...، وشدد علي أنه لابد أن تصل ثمار النمو الاقتصادي وعوائده للمواطن المصري، وأن تنعكس علي حياته ومستوي معيشته، وقال إن المدخل لذلك هو زيادة الاستثمار والنمو وفرص العمل والتشغيل، وعدالة توزيع المناطق الصناعية والتجارية والاستثمارات في عموم الجمهورية. وأكد دون لبس أن الهدف هو الوقوف بجانب الفقراء من أبناء مصر، ليس بالإعانة والضمان الاجتماعي فقط، ولكن مساعدتهم للارتقاء بأوضاعهم، والخروج من دائرة الفقر. وشدد علي عدة نقاط أساسية: أولاً: أن المواطن الفقير والأسر محدودة ومتوسطة الدخل في قلب تحركنا للانطلاقة الجديدة. ثانياً: التوسع في شبكة الضمان الاجتماعي لتغطية نصف مليون أسرة جديدة. ثالثاً: مواصلة تطوير الخدمات الصحية والتعليمية. رابعاً: تصحيح الأسلوب الحالي للدعم ليصل لمستحقيه. خامساً: أن التلازم القوي بين النمو الاقتصادي والعدل الاجتماعي هو في قلب حركتنا للمستقبل لرعاية ودعم ومساندة كل العمال والفلاحين والفقراء والكادحين ومتوسطي الدخل من أبناء الوطن.