أتفق تماما مع ما جاء في المقال الذي كتبه د. اسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الاسكندرية بعنوان " من اجل اعادة بناء الثقافة الوطنية المصرية " والذي نشرته جريدة " ايلاف " الاليكترونية وتناقلته عدد من المواقع علي شبكة الانترنت . أتفق معه تماما في ان الثقافة ليست مجرد الاهتمام بالتراث أوحمايته ، أو تشجيع الإبداع وتذوق نتاجه، لأن الثقافة ، كما قال ، تعبير حي عن المجتمع ورؤيته لذاته ولتاريخه والعالم من حوله ، والثقافة أيضا هي مجموعة القيم التي تسود المعاملات بين الناس ، منهج للتفكير ومفهوم للعالم برؤية كونية ، ومن هذا المنظور أتفق مع د. اسماعيل سراج الدين علي ان الواقع الثقافي المصري يمر بفترة أقل ما يقال عنها أنها فترة حرجة ، تجسدها مجموعة من الظواهر التي تشير إلي تفشي الخرافة والبعد عن الثقافة العلمية ، الامر الذي يعني اننا نتحدث فقط عن مجتمع المعرفة في الوقت الذي نفتقد فيه لابجدياته ولم نتحرك بجدية لتوفير خاماته الاولية ، فمجتمع المعرفة وصناعة تكنولوجيا المعلومات لا يمكن ان يقفا علي ارض صلبة تنتج ما هو مطلوب للحاق بركب الدول الاخري ، طالما مازالت هناك اصوات مرتفعة للمتاجرين بالدين ، والذين يشيعون المفاهيم المغلوطة للتراث والتاريخ ، والذين نصبوا من انفسهم اوصياء بالجهل والباطل لفرض وصايتهم المرفوضة علي الناس فيما يجب ان يسمع ويري ويقرأ ! الواقع المصري يمر بفترة حرجة تهدد صلابة بنيانه الثقافي الذي ناضل في سبيل ترسيخه وتقويته رموز التنوير والتفتح بداية من الشيخ محمد عبده مرورا بالعقاد والمازني وطه حسين وصولا لشهيد الكلمة فرج فوده وغيره ممن رصدتهم القوي الظلامية التي خططت لتدمير عقل الامة المتنور لكي يسهل عليها السيطرة علي مقدرات الناس بالخرافة والجهل وبرامج الشعوذة وتفسير الاحلام ، والترويج للانغلاق من خلال نشر الثقافة الصحراوية ، والثقافة النفطية التي عبر عنها بيان المثقفين الرافضين للدعاوي التي تطالب بمصادرة " الف ليلة وليلة " لأنها مبنية علي ثقافة حسية لا تعرف من الابداع أو الجمال أي شيء . هنا مكمن الخطر الذي يهدد الثقافة المصرية التي ظلت حتي سنوات قريبة محتفظة بهويتها الوطنية ، ولكن هناك من يخطط ويمول وينفذ برامج خاصة لقصقصة جذور ثقافتنا الوطنية وتحويلها لمسخ مشوه . هل سمع احد من شباب الامة عن المفكر والفيلسوف المغربي العملاق محمد عابد الجابري صاحب سلسلة " نقد العقل العربي " الذي رحل عن عالمنا ؟ اعتقد ان اساتذة السطحية في الاعلام العربي لم يسمعوا به ، أو يقرأوا له ، أو يقدموا شيئا عنه لأن الأولوية في زمن التفاهة لطشت غسيل نانسي عجرم واحذية هيفاء وهبي التي قررت التبرع بأحذيتها لفقراء الامة ! [email protected]