ورحل الإنسان الخلوق، الأخ العزيز، صديق العمر محيي عبدالرحمن مدير تحرير الأخبار.. هزمه المرض بعد رحلة علاج كان خلالها صابراً راضياً بقضاء الله رغم الآلام.. التقيت به منذ حوالي 3 أشهر عندما زارني في مكتبي، ودار بيننا حوار طويل استرجعنا فيه شريط ذكريات مشوار العمر، وكان كعادته خفيف الظل، بشوشاً رائعاً وكأنه جاء ليودعني.. بعدها بأيام علمت أنه دخل المستشفى واتصلت به وجاءني صوته ضعيفاً واهناً وفي نهاية المكالمة طلب مني إجراء مكالمة مع الزميل الأستاذ فهمي مرسي مدير قطاع الشئون الإدارية حتى يسلم الشيك الخاص به لنجله، وعلى الفور اتصلت بالأستاذ فهمي مرسى، وكان للزميل العزيز محيي عبدالرحمن ما أراد.. ومنذ أيام جاءنا الخبر المؤلم برحيل الزميل الحبيب محيي عبدالرحمن الذي هزمه المرض، ليبكيه الجميع من زملائه وتلاميذه ومحبيه. أُشهد الله أن الصديق الراحل محيي عبدالرحمن رحمه الله هو مَن استقبلني في قسم الحوادث بجريدة الأخبار منذ ثلاثة عقود، وخلال هذه السنوات كان مثالاً للخلق الكريم والطيبة والإنسانية، محباً للجميع لا يعرف الكراهية والحقد، كان كريماً بشوشاً وأذكر أننا كنا عائدين من تقديم واجب العزاء في والد الصديق العزيز أحمد جلال بإحدى قرى المنوفية وعند اقترابنا من مدينة بنها فوجئنا به يقسم بأغلظ الإيمان بأن يعزمنا جميعاً على تناول العشاء وكان بالأتوبيس ما لا يقل عن 40 صحفيا.. وعبثاً حاولناً إثناءه عن ذلك، لكنه أصر بحفاوة وكرم أولاد الأصول، وكان من أبرز التعليقات التي أطلقها استاذنا علي بك حسانين رحمه الله عندما قال »محيي عزم الجورنال كله ع العشاء«.. وطوال سنوات عملي في قسم الحوادث بالأخبار كنت دائماً أحب الجلوس إلى جواره، أستمع إلى حكاياته الشيقة، وكنت أحسده على العلاقة الخاصة والحب الكبير الذي كان العملاق الكاتب الكبير الراحل وجيه أبو ذكري يخصه به هو والصديق العزيز محمد صلاح الزهار، وفوجئت به يحرص على اصطحابي معه إلى مكتب الأستاذ وجيه أبوذكري لننهل من فيض خبراته الصحفية الكبرى.. وفي الحوادث الكبري كان محيي عبدالرحمن يصر على اصطحابي معه، وكان من أهم الأحداث التي قمنا بتغطيتها حادث سفاح المهندسين، وحوادث الإرهاب في التسعينيات، وكان دائماً يُؤثرني على نفسه.. كان رحمه الله مهذباً، خلوقاً، يكره الضجيج والزحام والصوت العالي والخروج على الأخلاق، ويحب الهدوء والسكينة، لذلك رفض الإقامة في القاهرة، وفضَّل الإقامة وسط الخضرة في مدينة بنها، وعندما كنت أشفق عليه كان يقول بنها أقرب من شارع الهرم.. والله إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن، وإنا لفراقك يا محيي لمحزونون، لكننا نقول «إنا لله وإنا إليه راجعون» صدق الله العظيم..