مدينة عجوز ولكن ملامحها جميلة، ولا تمل النظر إلي الكباري العتيقة والمباني الانيقة، فكلها مزينة بالأشجار، وتغسل الأمطار وجهها.. انها »نيويورك» المزدحمة جدا، وإذا كانت المسافة من المطار لقلب المدينة لا تتجاوز نصف ساعة، فانها استغرقت أكثر من ساعتين ونصف، القاهرة أرحم كثيرا. كل العالم هنا، لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، موسم الجمعية العامة الذي تتلون فيه المدينة بكل ألوان البشر، وترتفع أسعار الفنادق خمسة أضعاف، وتتحول الشوارع الواقعة في محيط الأممالمتحدة إلي محفل دولي، لأصحاب الشكاوي والمظاهر، الذين يرفعون اللافتات أو يطلقون الشعارات، دون ان يحدث ما يعكر الصفو. المصريون في نيويورك أعدادهم كبيرة، لا تقل عن 250 ألفا، أما في الساحل الشرقي الذي تشرف القنصلية المصرية علي رعاية المصريين المقيمين في ولاياته، فلا تقل الأعداد عن 400 ألف مصري، معظمهم يقيمون في نيوجيرسي لانخفاض أسعار السكن، وتكتسي منطقة »استوريا» بملامح مصرية اصيلة، وكأنها حي نظيف من احياء القاهرة، والمصريون يشغلون كل المناصب ابتداء من الأساتذة والأطباء ورجال الأعمال، حتي أصحاب عربات الأطعمة المنتشرة في الشوارع. هؤلاء هم الذين خرجوا للترحيب بوصول الرئيس عبدالفتاح السيسي في مقر إقامته، المصريون المحبون لبلدهم، والذين يتابعون كل ما يجري فيه، ربما أكثر من المقيمين بالبلاد، لم يأت بهم أحد، ولكنهم اعتادوا أن يفعلوا ذلك في السنوات الأخيرة والمصري مهما ترك بلده، يظل مشدودا إليه، وشغوفا علي أخباره. في مبني رعاية المصالح التابع للسفارة المصرية، كان وزير الخارجية سامح شكري حريصا علي الالتقاء بالوفد الإعلامي المصري، واستمر اللقاء ساعة ونصف الساعة، قدم فيه عرضا وافيا لمشاركة الرئيس في الاجتماعات، وألخص ما قاله فيما يلي: جدول لقاءات الرئيس مزدحم بشدة، وطلب عدد كبير من رؤساء وزعماء العالم مقابلة الرئيس، بجانب لقاء مع غرفة التجارة الأمريكية، التي تضم أبرز وأكبر الشركات في العالم، سواء التي تمتلك استثمارات في مصر، أو التي تبحث عن فرص استثمارية. الرئيس يشارك بصفته رئيس مجموعة ال77 والصين، أكبر تجمع للدول النامية، ومصر ترأس الاتحاد الإفريقي في العام القادم والقضايا المطروحة تختلط فيها الجوانب السياسية بالاقتصادية، وتسعي مصر إلي الدفاع عن مصالح الدول النامية. لقاء السيسي- ترامب يحظي باهتمام كبير. ويسبقه تحسن مطرد في العلاقات، تمثل في مناورات النجم الساطع، والإفراج عن 195 مليون دولار من المعونة لعام 2016 و2017، والمتوقع أن تعقبه مرحلة جديدة لتعزيز قدرات مصر الأمنية والاقتصادية، واتخاذ مزيد من الإجراءات لتحقيق المصالح المشتركة بين البلدين. القضية الفلسطينية حاضرة بقوة، ولا تخلو كلمات رؤساء الدول من دعمها، والمطالبة بتحقيق السلام، وإقامة دولتين علي أن تكون القدسالشرقية عاصمة للدولة، وبحث الخطة الأمريكية الجديدة للسلام التي لم تخرج بعد إلي النور، ويطلق عليها إعلاميا الصفقة الكبري. ليبيا.. مصر تؤكد أن الاعتماد علي الميليشيات لن يحقق السلام، ويجب احياء المؤسسات الشرعية، وان تمارس صلاحيتها كاملة، ومصر تسعي إلي ذلك، وتشجع علي توحيد الجيش والفصائل المسلحة، للوصول إلي تسوية لاستعادة الأمن والاستقرار في ليبيا. حقوق الإنسان.. الولاياتالمتحدة ترصد التطورات التي تحدث في مصر، والتعامل مع هذه القضية بوضوح وشفافية، ليس خضوعا لضغوط من أحد، وإنما لرغبة مصرية صادقة في الوصول إلي المعايير الدولية في هذا المجال. حديث الوزير فيه موضوعات كثيرة، تستحق الطرح والمناقشة ولكن العنوان الكبير هو: مصر القوية تتحدث عن نفسها.