ليس معني احترامنا والتزامنا بتوقيعنا علي الاتفاقيات والمعاهدات الدولية مثل اتفاقية »كامب ديفيد« أن نتساهل مع الجريمة الإسرائيلية التي أودت بحياة العديد من شهدائنا عند الحدود. الرأي العام المصري أظهر غضبه وكرهه الشديدين فور سماعه عن تلك الجريمة التي لا يقدم عليها بدم بارد غير أعداء السلام وضد رعايا أول دولة عربية عقدت معهم اتفاقية دولية ضمنت لهم سلاما لأكثر من أربعين عاما. رأينا مظاهر السخط والغضب في كل مدننا وقرانا، في مظاهرات عارمة تدعو إلي طرد السفير الإسرائيلي من القاهرة وسحب السفير المصري من تل أبيب. وتابعنا شجاعة الشاب المصري الذي صعد إلي أعلي مقر السفارة الإسرائيلية وانتزع علمها قبل احراقه، ثم رفع العلم المصري مكانه. الحكومة المصرية تجاوبت مع رغبة الشعب وأعلنت عن »سحب السفير المصري« ثم ارجأت القرار لحين تنفيذ إسرائيل وعدها بإجراء تحقيق مشترك لكشف ملابسات وحقائق تلك الجريمة التي قيل أن حكام إسرائيل سارعوا بالاعتذار عنها ثم سمعنا أحدهم ايهود باراك ينفي اعتذاره مكتفيا بابداء أسفه لمقتل الجنود المصريين.. وهو ما ضاعف من الغضب المصري وارتفعت صيحات تطالب بالثأر من الصهاينة، وقطع العلاقات، وصولا إلي إلغاء اتفاقية »كامب ديفيد«! وصرح أمس مصدر رفيع المستوي لمندوب الزميلة »المصري اليوم« بأن حكومة الدكتور عصام شرف تجري مشاورات مع المجلس الأعلي للقوات المسلحة، حول الاجراءات التي يجب اتخاذها إزاء التباطؤ الإسرائيلي في اجراء تحقيق مشترك بشأن قضية شهداء الحدود. وكانت وكالات الأنباء قد تناقلت تصريحا بلسان مستشار الأمن القومي الإسرائيلي: ياكوف أميدرور نفي فيه أن بلاده وافقت علي اجراء تحقيقات مشتركة مع مصر، وأنها ستكتفي فقط بتبادل نتائج التحقيقات! ويزداد الموقف مع إسرائيل تأزما بعد إعلانها ما وصفته ب»النتائج الأولية« للتحقيق الذي زعمت مباشرته، وأرجعت قتل »شهداء الحدود« إلي أن منفذي الهجمات علي »ايلات« هم من المتشددين الإسلاميين الذين فروا من السجون المصرية في الأيام الأولي للثورة ووصل بعضهم إلي قطاع غزة، وقد تم رصدهم رغم تنكرهم بارتداء ملابس جنود مصريين(..)، وهو ما نفاه الخبير الاستراتيجي اللواء سامح سيف اليزل في تصريحاته للزميلة »اليوم السابع« وأضاف قائلا انه من الضروري أن يقوم الجانبان المصري والإسرائيلي بتعديل اتفاقية كامب ديفيد بحيث يسمح لمصر بالوجود المسلح الكافي في سيناء. المطلب العقلاني للواء سامح سيف اليزل، والداعي إلي تعديل بعض بنود اتفاقية السلام، لا تجميدها أو إلغاؤها كما يطالب البعض.. سمعناه، وقرأناه، أيضا بأصوات وأقلام خبراء عسكريين ورموز سياسيين وحزبيين وأساتذة قانون دولي. وكانت الزميلة »الأهرام« قد استطلعت آراء العديد من هؤلاء الخبراء والرموز في »المطالب الثمانية« التي تقدم بها عدد من زعماء القوي والأحزاب والتيارات إلي الحكومة والمجلس العسكري وهي: سحب السفير المصري من تل أبيب فورا، وطرد السفير الإسرائيلي في القاهرة، ومنع الأسطول العسكري الإسرائيلي من المرور في قناة السويس، ودخول قوات مصرية اضافية مزودة بسلاح متطور يضمن سيادة مصرية غير منقوصة علي أرض سيناء، وتسليم قتلة الشهداء المصريين للسلطات المصرية لمحاكمتهم أمام المحاكم المصرية، وابلاغ مجلس الأمن باختراق الحدود وقتل الشهداء، والمطالبة بمحاكمة المسئولين الإسرائيليين عن اتخاذ قرار الاعتداء. .. وللحديث بقية.